نقول دائما :" سيداتي آنساتي سادتي" في بداية كل الملتقيات و كذا وسائل الإعلام ...
و السؤال المطروح، هو هذا التمييز بين الآنسة و السيدة حسب الحالة الاجتماعية، متزوجة أم لا، في حين يبقى السيد سيدا.
للإحاطة بهذا الموضوع ، تجدر الإشارة أنه في المجتمعات المختلفة، غالبًا ما يُلاحظ وجود تمييز لغوي عند مناداة النساء مقارنة بالرجال، حيث يُستخدم لقب "السيد" لجميع الرجال بغض النظر عن حالتهم الاجتماعية، في حين يُفرَّق بين المرأة المتزوجة بلفظ "السيدة" وغير المتزوجة بلفظ "الآنسة". هذا التفريق يحمل في طياته أبعادًا اجتماعية وثقافية تعكس نظرة المجتمع لدور المرأة وحالتها الاجتماعية كعنصر يُعرِّف بها .
الجذور التاريخية والاجتماعية للتمييز: يرجع هذا التفريق إلى أعراف اجتماعية قديمة ربطت هوية المرأة بحالتها الزوجية، حيث كان الزواج يُعتبر إنجازًا أساسيًا أو مؤشرًا على مكانة المرأة الاجتماعية. في المقابل، لم يكن هناك حاجة لتحديد الحالة الزوجية للرجل، لأن وضعه الاجتماعي لم يكن يتأثر بالزواج بنفس الدرجة.
في الخطابات الرسمية، يكرّس استخدام اللقبين المختلفين تصنيفًا للنساء بناءً على الزواج، و هو أمر غير ذي صلة بقدراتهن أو أدوارهن في المجتمع. أما في التعاملات اليومية، فقد يسبب هذا التفريق إحراجا للنساء ،أو يضعهن في موقف غير مريح عند تصنيفهن بناء على أمر شخصي، لا يفترض أن يكون محط اهتمام.
في بعض اللغات و الثقافات، بدأ التخلي عن استخدام "الآنسة" كتصنيف للمرأة غير المتزوجة، و أصبح لقب "السيدة " يستخدم لجميع النساء بغض النظر عن حالتهن الاجتماعية. و هذا يعزز مبدأ المساواة و الاحترام ،و يؤكد على أن قيمة الفرد لا تقاس بحالته الزوجية .
صحيح أنه حتى في الدول المتقدمة، لا يزال التمييز اللغوي قائما عند مناداة النساء و الرجال في المحافل العامة ووسائل الإعلام . فعلى سبيل المثال، نسمع تعبير "سيداتي آنساتي سادتي"، و الذي يعكس استمرار الفصل بين النساء المتزوجات و غير المتزوجات.
و السؤال المطروح، لماذا يستمر هذا التمييز اللغوي ؟ رغم التقدم في مجال حقوق المرأة و المساواة في الحقوق بين الجنسين، لا تزال بعض العادات اللغوية قائمة بسبب رسوخها في الثقافة و التاريخ. و لهذا يمكن استبدال العبارات التقليدية بتعابير أكثر حيادية مثل: " الحضور الكرام "أو : "السادة و السيدات" .
اللغة ليست مجرد أداة تواصل، بل تعكس مفاهيم اجتماعية و ثقافية مترسخة . لذا فإن إعادة النظر في كيفية مخاطبة النساء في الملتقيات الرسمية ،خطوة مهمة نحو تحقيق مساواة حقيقية، حيث يتم التركيز على الكفاءة و الهوية الشخصية بدلا من الحالة الزوجية.
Comentarios
Publicar un comentario