Ir al contenido principal
أحمد العمراوي الشعر و المقاومة
نتحدث بالضبط على الشعر العربي المعاصر الذي تم انتاجه بعد اغتصاب فلسطين من طرف قطعان الصهاينة. فقد اصطف كل الشعراء تقريبا الى جانب القضية الفلسطينية باعتبار ان الخطاب الشعري هو خطاب انساني وكوني في أعمق مفاهيمه. ولكن برزت في العالم العربي في سنوات الستين والسبعين من القرن الماضي ظاهرة في النثر كما في الشعر. أولا في النثر، حينما دخل تيار أدبي سمي في اروبا بتيار الوعي في السرد والرواية العربية. بعض النقاد العرب أعطوها اسم الحساسية الجديدة/ الرواية الجديدة. باختصار هذا النوع من السرد لا يتحدث عن أي بطل، لأنه ليست هناك أحداث يتم حكيها. لقد تم تغيير الاتجاه من الخارج إلى الداخل، داخل السارد كما لو كان يكلم نفسه. غموض تام، مريض يقول ما يأتي في ذهنه للتو كما لو كان الامر يتعلق بتيار مائي لا يتوقف/ التداعي. ثانيا: بموازاة مع السرد والحساسية الأدبية الجديدة، بعض الشعراء مثل السوري أدونيس تخندقوا في قصيدة النثر وخاصة القصيدة الفرنسية التي انتجها بودلير ورامبو: شاعران مريضان نفسيا تم تبني شعرهما نموذجا من طرف أدونيس وحوارييه. إلى جانب الشعر الصوفي. باختصار هؤلاء الشعراء رفضوا الحديث عن أمور خارجية مثل السياسة او الاجتماع. وهكذا بدؤوا يكتبون شعرا لا يشير إلى شيء معين، ولا يقول شيئا في نهاية الامر. فقط هي لعبة من الكلمات لا يفهمها الا تلك النخبة: رمزية مطلقة. والآن حيث يحتاج إلى الشعر كلبنة مهمة في الادب العربي، لا أحد يتذكر ما كتبه أدونيس ومريدوه. كانت العرب منذ الجاهلية تعشق الشعر لتخليد أحاسيسها وأيام المجد أو الهزيمة عندها، والآن أصيبوا بعدوى شعراء يريدون العيش في قمم الجبال، يريدون الكلام والعيش وحدهم في جماعات معزولة عن الرعاع دون ُينقدوا ولا أن يُفهموا. كان أدونيس يقول بأن الشعر يجب أن يكون ملتزما بالشعر نفسه وان لا يخشر أنفه في السياسة أو غيرها. هكذا أجاب أدونيس عن مفهوم الالتزام. الالتزام؟ الشعر الملتزم كان ضد الشعر ولم يفد القضية التي كتب من أجلها. الشعر الملتزم استجابة مباشرة لأحداث مباشرة والاحداث الثورية تتطلب السرعة والمباشرة والانية والخطابية...طبيعة الشعر هي أن يرى أو ينبئ أن يرى ويتجاوز
بالمقابل واصل الشعراء الذين ربطوا شعرهم بالقضية الفلسطينية الكتابة عن مآسي الاحتلال الصهيوني. بقيت كلماتهم الى الآن طرية ودالة. كان هؤلاء الشعراء متنبئو أكثر من الشعر الذي تحدث عنه أدونيس: الشعر الرؤيا. لنتذكر قصيدة محمود درويش الشهيرة: مديح الظل العالي بعد حصار بيروت سنة 1982، ففيها ذكر لما يقع في غزة الآن مع الأسف:
“سقط القناع.. عن القناع.. عن القناع..
سقط القناع ..
لا إخوة لك يا أخي،,,لاأصدقاء !
يا صديقي،,,لا قلاع !
لا الماء عندك،لا الدواء , لا السماء, ولا الدماء ..
ولا الشراع ولاالأمام ولا الوراء..
حاصر حصارك .. .لا مفرُّ !
سقطت ذراعك فالتقطها !
واضرِبْ عدوك..لا مفر ..
وسَقَطْتُ قربك،فالتقطني !
واضرب عدوك بي،فأنت الآن :
حرٌّ
لقد حان الوقت لتذكر تلك الأبيات الشعرية والنظر في وحشية الفكر الأكثر انغلاقا وتطرفا في التاريخ. في هذه القصيدة التي كتبها درويش منذ مدة طويلة كما لو كان يرى البطل يحيى السنوار حيا وبعدها ميتا:
وقد فتّشوا صدرَهُ
فلم يجدوا غير قلبهْ
وقد فتّشوا قلبَهْ
فلم يجدوا غير شعبهْ
وقد فتشوا صوتَهُ
فلم يجدوا غير حزنهْ
وقد فتّشوا حزنَهُ
فلم يجدوا غير سجنهْ
وقد فتَّشوا سجنَهُ
فلم يجدوا غيرهم في القيود
Comentarios
Publicar un comentario