قراءة للأستاذ الباحث أحمد بومقاصر (*) في مؤلف الأستاذ محمد سيداتي أباحاج: " رحلتي من بئر أم اكرين إلى طنجة"

  


   انتهيت للتو من قراءة مؤلف "رحلتي من بئر أم اكرين إلى طنجة" لصاحبها الأستاذ محمد سيداتي اباحاج، الصادرة قبل أيام عن مطابع جريدة طنجة. وهي سيرة ذاتية حاول فيها سيداتي تسليط الضوء على بعض المناطق المجهولة للقارئ من حياته الشخصية والعملية التي قضاها بسلك القضاء.


  

قسم الكاتب عمله إلى قسمين: قسم خصه للحديث عن حياته الأسرية ومسقط رأسه بالصحراء المغربية (كلتة زمور)، وانتقاله للعيش مع أسرته ووالده الذي كان يمارس التجارة، إلى  بئر اكرين" بالحدود الموريطانية.. ومن هناك قام بعدد من السفريات إلى العيون وطنطان بحثا عن الانخراط في إحدى المؤسسات التعليمية لمتابعة دراسته، قبل أن ينتهي به المطاف بثانوية القاضي بن العربي للتعليم الأصيل بتطوان.

والملفت للنظر في هذه المرحلة كونها جاءت متزامنة مع قضية الصحراء المغربية وانطلاق المسيرة الخضراء، والحرب التي خاضها المغرب ضد فلول البوليزاريو، الشيء الذي منع الكاتب من زيارة أهله وأسرته لمدة تزيد على أربعة عشر سنة.

والقسم الثاني، وهو ذو طابع توثيقي، تحدث فيه محمد سيداتي عن مساره المهني في سلك القضاء، وتقلبه بين العديد من المحاكم المغربية، إلى أن تقدم سنة 2015 بطلب لوزير العدل يومئذ مصطفى الرميد، من أجل الاستفادة من التقاعد النسبي، وذلك أسابيع قليلة بعد تعيينه وكيلا عاما للملك لدى استئنافية الحسيمة. وهو ما حصل عليه محمد سيداتي، قبل أن يلتحق كمحام بهيئة المحامين بطنجة.  

 

  وكانت الصحف الوطنية قد تناولت الموضوع معتبرة "تقاعد" محمد سيداتي بمثابة احتجاج على رغبة وزير العدل إدخال تعديلات على القانون المنظم لمهنة المحاماة، وهي التعديلات التي كانت ستحد من ولوج القضاة المتقاعدين لمهنة المحاماة.

  ويعود الكاتب في هذا القسم إلى النبش في العديد من الملفات الحساسة التي باشرها من موقعه كرجل قضاء؛ سواء منها التي تعد شانا داخليا بسلك القضاء، أو القضايا التي باشرها في عهده بطنجة خاصة، ووجدت لها صدى في الصحافة المحلية والوطنية، كقضية القبض على الذيب، المتهم بالترويج الدولي للمخدرات، والحوار مع محمد الفيزازي بالسجن المدني بطنجة للتوسط لدى أقطاب السلفية الجهادية بالسجون المغربية من أجل إيقاف إضرابهم عن الطعام.

  تحدث الكاتب عن كل ذلك، بلغة عربية راقية وسليمة وخالية من الأخطاء..بل تحس وأنت تنتقل من القسم الأول إلى القسم الثاني أن هذه اللغة ازدادت رونقا وإتقانا، حتى لتخال أن لا عبارة غيرها يمكن أن تقوم مكانها.

   وتبقى هناك بعض الملاحظات الشكلية حول حجم الكتاب وتصميم الغلاف..قد أعود إليها في مناسبة قادمة. كما سجلت بعض الأخطاء المطبعية، وهي أخطاء قد لا تخفى على القاريء النبيه، سأبعث بها إلى الكاتب على الخاص لتداركها إذا ما كان يفكر في إصدار طبعة ثانية.

 

(*) الأستاذ أحمد بومقاصر باحث في الأدب العربي وصحافي

Comentarios