كلمة السيدة آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان افتتاح منتدى علمي حول موضوع تمكين الشباب: الفتاة في صلب تنمية دامجة ومستدامة (22-23 شتنبر)
السيدة مارييل ساندير Marielle Sander، ممثلة صندوق الأمم المتحدة
للإسكان بالمغرب؛
السيد الكاتب العام؛
السيد سفير مملكة إسبانيا
الشباب الحاضرين معنا اليوم
الحضور الكرام
يسعدني
أن أشارككم اليوم فعاليات هذا المنتدى وأن أتوجه بالشكر لوزارة الشباب
والثقافة والتواصل على دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأهنئها على اختيار موضوع
في غاية الأهمية، لا يرتبط فقط بتمكين الشباب، بشكل
عام، وتمكين الفتيات، بشكل خاص، بل هو موضوع في صلب التنمية الدامجة والمستدامة. لأن تمكين الشباب والفتاة هو دون أدنى
شك تمكين للمجتمع
بأسره، بكل شرائحه. ليس لأنهم ركيزة أساسية من ركائز التنمية الشاملة والمستدامة
فحسب، بل لأن أي تنمية مستدامة لا يمكن أن تتحقق دون إزالة العوائق أمامهم، وتوسيع
فرص مشاركتهم السياسية والاقتصادية، وتعزيز قدراتهم على المبادرة على والاقتراح،
وضمان الإنصات إلى أصواتهم.
أكيد
أن لهذا النقاش مداخل متعددة؛ سأركز على بعض جوانبه الرئيسية، من وجهة نظر المؤسسة
الوطنية لحقوق الإنسان.
السيدات
والسادة
تمكين
النساء والفتيات هدف رئيسي وصريح من أهداف التنمية المستدامة، وهو الهدف الخامس.
وقد
أثبتت التجارب أن تمكين النساء والفتيات ينعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على تحقيق
جميع الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة، ويخلق أثراً مضاعفاً يسرّع النمو
الاقتصادي ويضمن استفادة الجميع من ثماره.
ولا
يمكن تصور أي تنمية مستدامة، دون مشاركة كاملة ومتساوية للشباب والفتيات في جميع
مناحي الحياة.
من
منظورنا الحقوقي، نشدد دوما أن التنمية المستدامة ترتكز على مبادئ أساسية تدمج
احتياجات وتطلعات الشباب، والفتيات، في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية،
بما يضمن احترام حقوق الإنسان والحكامة الجيدة. وباعتبارهم يمثلون قوة ديموغرافية
هائلة، لا يمكن لأي مجتمع أن ينجح في مساره التنموي دون إشراكهم النشط والمتكافئ.
غير
أن غياب الاتقائية أحيانا بين الركائز الثلاث للتنمية يظل عائقاً أمام تكافؤ الفرص
في التعليم الجيد، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، علاوة على عدم تحقيق
المساواة الذي يفرض كلفة باهظة، بينما تعود المكاسب الناتجة عن التمكين بأضعاف ما
يُنفق، خصوصاً إذا نظرنا إلى ما يمكن تحقيقه من "عائد المساواة" عبر سد
فجوات الدخل مدى الحياة بين الجنسين.
المساواة،
السيدات والسادة، ترتبط ارتباطا وثيقا ببقية أهداف التنمية المستدامة، من الحق في
الصحة إلى الصحة الإنجابية، ومن القضاء على الفقر إلى الحق في التعليم، ومحاربة
الهدر المدرسي. بهذا الشأن، أود أن أذكر أن تقريرا أمميا حديثا أشار إلى أن خفض
الهدر المدرسي بنسبة 1% يمكن أن يدر دخلاً عالمياً يصل إلى 470 مليار دولار.
الفتيات،
وكلما على نعي ذلك، يواجهن التمييز والصور النمطية، وهو ما يستدعي العمل على خلق
بيئة تحمي كرامتهن وتضمن أمنهن ومشاركتهن الكاملة في الحياة العامة. ومن الضروري
الاعتراف بأصوات الشباب والفتيات وتمكينهم وتمكيمهن من فضاءات اتخاذ القرار
باعتبار ذلك شرطاً لتحقيق العدالة والإدماج.
التنمية
المستدامة هي كذلك التصدي لظاهرة العنف ضد النساء والفتيات، إذ يشكل القضاء على
هذه المعضلة نقطة انطلاق لمسار تمكينهن، نحو خلق بيئة آمنة تشجعهن على المشاركة
والمبادرة والابتكار. ويبرز في هذا السياق الفضاء الرقمي باعتباره
مجال الشباب بامتياز، إذ يحتضن إبداعاتهم وتعبيراتهم، ويمثل فضاءً للحوار
والمشاركة والمواطنة. لذلك، فإن أي مشروع يعنى بتمكين الشباب لا بد أن يأخذ هذا
الفضاء بعين الاعتبار، بوصفه حاضناً لأحلامهم وطموحاتهم.
من
جهته، يعتمد المجلس الوطني لحقوق الإنسان مقاربة تقوم على الاستماع والمشاركة
التفاعلية مع الشباب في مختلف جهات المملكة، من أجل فهم الإشكالات المرتبطة بحقوق
الإنسان وعلاقتها بالتنمية. وقد شارك شباب من المغرب في الاستعراض الدوري الشامل
بجنيف، وقدموا توصياتهم الخاصة.
كما
نظم المجلس استشارات جهوية ووطنية مع الأطفال، بمن فيهم الفتيات، ما بين فبراير
2023 وفبراير 2024، بكامل جهات المملكة، إضافة إلى جلسات استماع في سياق زلزال
الحوز. وقد أكد الأطفال في نداء خاص – نداء الأطفال - على
الانعكاسات السلبية للعنف الأسري، وزواج الأطفال، والصعوبات المرتبطة بالصحة
الجنسية، داعين إلى ضمان حقوق أساسية في السياسات والتشريعات، مثل الحق في
المشاركة والتعليم والصحة والحماية والحق في حرية التعبير. كما قدموا تقريرهم
للجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل بدعم من المجلس.
في
الختام، أود التأكيد على أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يرى أن أي سياسة عمومية
أو برنامج تنموي لا ينطلق من مقاربة حقوقية واضحة، قائمة على المساواة وعدم
التمييز والعدالة الاجتماعية، يظل قاصراً عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فالاستثمار في طاقات الفتيات والشباب هو في جوهره استثمار في حاضر
الوطن ومستقبله، وهو الطريق الأوحد نحو تنمية شاملة، وعادلة، وإنسانية تجعل
من الكرامة والمساواة قاعدة، ومن العدالة والمشاركة أفقاً لا رجعة فيه.
شكرا
لكم

Comentarios
Publicar un comentario