كلمة السيد أحمد رضى شامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في الندوة الوطنية التي تنظمها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول موضوع: "الالتزام الموا ط ن والمساهمة في تدبير الشأن العام ومكافحة الفساد"


 

السيد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛  السيدات والسادة:

-                   ممثلو القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، والهيئات الوطنية والدولية ومنظمات المجتمع المدني ؛ - نساء ورجال الصحافة ووسائل الإعلام؛

-                   عضوات وأعضاء المجلس ؛ السيدات والسادة الضيوف الأفاضل؛ أيها الحضور الكريم ؛

        ي  سُ ع دني أ ن   أل ت ق ي   بكم في  افتتاح أعمال  هذه الندوة الوطنية  التي  تنُ  ظ مُ ها مُ ؤسست  ان ا   لتناول  موضوع هام   يشُكل رهاناً أساسيا بالنسبة  لتنمية وتطور بلادنا، موضوعٌ مُ  ر  ك ب بأبعا د   مُت  عا  لقة: الالتزامُ  الموا ط ن# المشاركة ُ المواطن ة في تدبير الشأن العام# مكافحة ُ الفساد". 

        ذلك أن المُ وا ط نة  ، بحقو  قها وواجباتها، هي ممارسة ٌ يتم تكريسها، يوميا، منخلال  الانخراط الفردي والجماعي في قضايا المجتمع  ،والالتزام  المسؤول بالصالح العام،    والمشاركة  الفاعلة  في مسلسل اتخاذ القرار،  وغيرها من ممارسات  ومبادرات  وآليات  "الديمقراطية التشاركية"  و"اليقظة  والمُ ساءل ة المُ واطنة"،  التي لا     م حيد     ع ن ها  لتعزيز  شفافية  ونجاعة  ال ف  ع  ل   الع مُومي،  وترسيخ مبادئ النزاهة والحكامة الجيدة، والوقاية من التجاوزات التدبيرية، وتتبع  تنفيذ  السياسات والبرامج التنموية  على الصعيدين الوطني والترابي، وتقييم نتائج هذه السياسات والبرامج التنموية في ضوء آثارها الملموسة على  ظروف عيش الساكنة المُ ستهد  فة.

  حضرات السيدات والسادة ،

        لقد ن  ص  دستور المملكة على آليا ت  مُ ب ت   ك ر ة في مجال المشاركة الموا طنة،  ت  هُ م  أساس اً  ال ع  ر ا  ئض وال مُ  لت   م سات في مجال التشريع، و  م أ  س  س ة الحوار والتشاور العمومي على المستوى الوطني والترابي،  م  م ا ي   تُيح للموا ط نات والمواطنين إمكانية المشاركة في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية. 

        وقد ارتأى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الاشتغال على هذه الآليات الدستورية للديمقراطية التشاركية والتشاور العمومي، والوقوف على واقع  حا لها، في إطار  إحالة ذاتية  من أجل  "  تعزيز  مشاركة المواطنات والمواطنين في تدبير الشأن العام."

        وفي ضوء التشخيص  ،ومخرجات  جلسات الإنصات  إلى الفاعلين، ونتائج البحث الميداني الذي أجراه  المجلس  ، ت  جد رُُ   الملاحظة أ ن   اللجو ء   إلى    هذه

الآليات التشاركية لا يزا لُ  م  ح  دوُدا  ،حيثُ  هناك  ع د  د ٌ م ن الإكراهات التي لات   شُ  ج عُ  على الانخراط في هذه الآليات،   م  نها ما   يرتب طُ  بن  ق ص  المعلومة، وال  طا ب عال مُ  عق  د للمساطر، وضُ  ع  ف  الت م  ل  ك  من  ق بل الفاعلين المعنيين .

        وفي مقابل ذلك، يلُا حظ أن الرغب ةُ في المشاركة أصبحت  أ  ق  و ى لا سيما لدى الشباب،  وهناك  تطلعٌ   ل  د  ي   ه م  للانخراط بشكل أكبر في  تدبي ر  الشأن العام، وتعزيز شفافية الإدارة والمؤسسات وتحسين مسؤوليتها، والمساهمة في اتخاذ القرارات التي  ت عن  ي  ه  م بشكل مباشر . 

        وفي إطار هذه الدينامية، برزت العديد من المبادرات الناشئة والمُ   ب ت  ك  ر ة، التي بادرت إليها هيئات وطنية ومؤسسات عمومية وجماعات ترابية،  والرامي ة إلى تعزيز الاستشارة والتشاور الموا طن، من خلال إطلاق تجربة الميزانيات التشاركية، واعتماد  المنصات الرقمية  التشاركية  لاستقاء آراء ومُ قترحات المواطنات والمواطنين حول عد د  من المشاريع  التنموية الاستراتيجية ) إعداد النموذج التنموي الجديد، بلورة آراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئ ي عبر  ouchariko.ma  والمخططات القطاعية  ) خارطة  طريق  التعليم،

استراتيجية التنمية المستدامة، الحوار الوطني للتعمير والسكنى(...، وبرامج التنمية الجهوية والمحلية. 

        وقد أبانت هذه المبادرات عن تفاعل واعد ومتزايد ،  م  م ا  ي ؤُ   ش  ر  إلى أنه  حينم ا ي  ت م   إ ش را كُ  المواطنات والمواطنين بشك  ل  فعلي  وكامل  في  مُ  س لسل  اتخاذ القرار، فإ ن  النتائج تكون ملموسة: سياساتٌ  عمومية ٌ أكثرُ  استجابةً  للاحتياجات الفعلية؛  وت  مل كٌ أقوى للقرارات  المُت  خذة؛  والأه م   من ذلك   كُ  ل ه،  ثقةٌ أكب ر   في المؤسسات. 

        إلا أن مأسسة هذه المبادرات والتجارب، على أهمي تها، في حاجة إلى إطا ر قانوني مُل زم، ومعايير مُ ؤ   طرة،  وكيفيات تنظيمية مُ  و  ح دة، حتى لا يبقى إجراءالاستشارات المواطنة رهينا باختيارات ومقاربات متباينة  ح  س   ب  كُ   ل  إدارة أو مؤسسة عمومية أو جماعة ترابية، وهو ما لا  يسُاع ددُ على الانخراط والإقبال من  ط ر ف  الفاعلين المعنيين. 

        كما أن  ع د  م التفاعل المُ   م ن  ه ج م ع  نتائج الاستشارات العمومية، سواءٌ  فيما يتعلق بالحاجيات أو الق  وُ  ة   الاقتراحية المُ  ع  ب ر   عنها،  م  ن   شأنه أ ن   يؤ د  ي إلى تراج  ع تدريج ي  في مشاركة المواطنات والمواطنين، وقد    ي فُ  ض ي، على المدى البعيد، إلى إ  ض ع ا ف   م   نسُ و ب  الثقة في المؤسسات .

حضرات السيدات والسادة ؛

        كي ف   ي مُ كنُ أ  ن  ن  ج  ع ل  من المشاركة  الموا  طنة  رافعة  حقيقية  لتحقيق  التحو ل المنشود في أنماط الحكامة، وتحسين شفافية الفعل العمومي، والرفع من فعالية السياسات العمومية،  وذلك  م ن   أجل  بنا ء   حا ض ر ومستقبل بلادنا  بشكل جماعي؟

        يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، م ن  خلال رأيه حول "تعزيز مشاركة المواطنات والمواطنين في  تدبير  الشأن العام"،  الذي س  ي  ت م   تقدي مُ خُ طو ط ه العريضة في  أشغال  هذه الندوة، ) ي قت  رحُ ( جُ  م  ل ةً  م ن   م د  ا خ  ل  التطوير الكفيلة  بتجاو ز  ال ع ق  بات الحالية، و ج   عل المشاركة الموا  طنة  مُ  ح  ر كاً للتح و  ل  في مجتمعنا ومؤسساتنا. 

        وهي مداخل  ت  نت ظمُ في  إطار  رؤية وطنية مُ  ت  ج  د  د  ة   لمشاركة المواطناتوالمواطنين يتقاسمُ ها مختلفُ   الفاعلين، وت  مُ   ك ن م ن   توسيع نطاق المشاركةوأشكالها، وت    ي س ير  ت  م  ل كها من ل   دنُ المواطنات والمواطنين. 

        وهو ما  يستلزمُ   اعتماد    آليا ت    ت كُ ونُ   مُ تاحةً   أمام الجميع،  من ق    بيل  الوسائل الرقمية، وأن تراعي الشفافية وخصوصيات الساكنة في العمق الترابي، مع الارتكاز على المبادرات المبت  ك  رة في هذا المجال.

        إن طمو  ح نا يتمثل في إرساء  ز  خ  م  تشارُ كي قوي من شأنه أن يعزز الثقة في المؤسسات،  بحيث ي  شع رُ في ظ ل  ه ك ل مُوا طنة ومواط ن  بأ ن ه  م  ح  ل  اهتما م ، وأ  ن ص و ت   ههُ مسموع، وبأنه فاعلٌ  مشاركٌ  بشك ل  كام ل  في المسار التنموي لبلادنا.

        وهذا ما  نسُميه في أدبيات المجلس بـ"الذكاء الجماعي" و"البناء المشترك"، و"التوافقات الإيجابية"،  كشروط حاسمة في  بلورة التعاقدات المجتمعية الكبرى.

        أشكركم وأتمنى لكم نقاش اً مثمراً ي فُ ضي إلى مبادرات ملموسة ومستدامة. 

 

Comentarios