قصة قصيرة: حربا ناعمة لكن بلغة ساخنة بقلم عبدالهادي بريويك

 


كل الأشياء بدت ساحرة في ذاك المساء الجميل،وزخات المطر تراقص محياه،لم تكن ترغب في النظر إليه لكنها تعشقه بمرارة،حاولت أن تتطلع إليه من نافذتها الصغيرة من دون أن يدركها ،وهو يحوم بنظراتها حول البيت لعله يراها لكن دون جدوى.


ابتعدت عن نافذتها واتصلت بصديقتها لتخبرها أنها مترفعة عن حبه ولن تستسلم لعواطفها، وأنها مصرة على تعذيبه وأنها لا تطيقه،فهو مجرد تسلية لها.


تضحك وهي تخفي لوعتها وعشقها له، ولم تدرك أنه سيغيب عنها مدة أطول..انتظرته لأيام كي تراه من نافذتها..لكنه غاب ورحل بعدما مل كل ألاعيبها.بدأ الحزن يتسرب إلى أحاسيسها والدمعة تكاد تسقط على محياها لغيابه..رن هاتفها..من المتصل؟أنا؟فأقفلت الخط في وجهه، فرحة وكبرياء وغرورا بنفسها؟اختلطت مشاعرها ولم تعد تعلم أي تصرف ممكن أن تسلكه؟


هاتفها ثانية:فأجابته إنني لاأحبك يارجل؟دعني وشأني؟وابحث عن غيري؟لم يجبها وأدرك أنه لامكان له في قبها.


رحل عنها وانقطع الاتصال..ولماحاولت مهاتفته..وجدت هاتفه خارج التغطية..كررت المحاولة مرارا لكن دون جدوى ..وقد أدركت أنه غير رقم هاتفه..فتسرب إليها الحزن من جديد..وعلمت أنها خاضت حربا ناعمة لكن بلغة ساخنة.

فمازال الإنسان يقفز على الأشواك في وادي الحياة يحمل في أعماقه وراثات الماضي السحيق من إجرام وجحود.


رغم نضال العاشقين.. فمازال الإنسان يتخبط في الحياة الملتهبة حواليه ما وفق إلى الهناء.
ولكن؟
أيصح أن تكون هذه الصورة القاتمة التي تفطر بالإثم والعار لونا لاصقا باللوحة الإنسانية؟
أيصح أن تبقى خافقة تلك القلوب المملوءة بالوحل؟ أيصح أن تدوم طائشة تلك الضمائر الزاحفة في الظلام؟


أيصح أن ترفرف النفوس المصنوعة من إثم وطمع بينما تكبل الأفئدة المستهامة بالحرية والحب والانطلاق. ؟


مازالت الإنسانية لاصقة بالرغام، مازالت الابتسامة في. وطني لونا من ألوان الرياء. مازال نشيد الحب مبعثرا بين أصوات الغدر وصراخ التقاء وصليل الحديد والتضليل.
عندما يقترب الربيع من الطبيعة يقول لها في نشيده.. سوف ينقشع الضباب سوف تذوب السحائب على ضفاف الجداول فتصبح قطراتها فقاقيع تغني الأشعة الضاحكة...
وكذلك يقول لنا الوطن.. سوف تتجلى الحقيقة الضائعة والعقيدة الوطنية المقدسة وترسل الشعاع ملء الحياة، سوف تبدو الحقيقة الغاربة وتزف عرائسها لكل نفس متشككة في نزاهة الشرفاء.

ذات يوم كما آمن سلفنا من العشاق الأبرياء وحدة متجانسة كالأنشودة المنزلقة على شفتي الفقراء ضاحكة العمر ليس فيها التواء الأنغام أو كاللوحة لريشة فنان بارع الذوق أو كالنفس الواحدة لديها إلا الحب والانطلاق في سفوح الكون.
فعالم الحب واحد في خبايا روحنا؛ رائد النجاح وعنصر البقاء.
وغدا عندما ينبثق الفجر سيمسك أول شعاعاته الرائعة. تلك الحرية. الضائعة فتنير حياته.
ذلك هو عشقنا الطيب.


وهناك رسل من الناس  الذين يدأبون العمل ويشحذون إلى العزائم ويقودون القافلة تحت ضوء الأشعة الواثبة من الفجر القريب. أولئك الأوفياء الذين تدرعوا بإيمان حب الوطن إليهم .

 


Comentarios