ونرجع إلى قولة المولى سليمان الشهيرة بقلم: المختار الغربي



علق الكاتب والباحث، الدكتور حمزة المساري على تدوينة لي بالقول:  
"ونرجع إلى قولة المولى سليمان الشهيرة، وبالمناسبة كان الملك عالما ورعا: نحن معشر الملوك من كرهناه قربناه، ومن أحبنا عذبناه، ومن أكرمه الله ما عرفنا ولا عرفناه".

    إنها إحالة حكيمة ورائعة حول موضوع أهرقت من أجله أطنان من الكلمات والتحاليل والتفسيرات، لكن هذه الجملة اختصرتها بالكامل
فلا بأس من الشرح والتفسير:

    من المحتمل أن يكون الكثيرون يتساءلون: ما الذي يدفع السيد عزيز أخنوش رئيس تجمع الأحرار، وهو رجل أعمال ناجح وثرى حد التخمة، إلى الزج بنفسه في أتون مشهد سياسي بئيس وملوث ومشبوه، في حين يمكن أن ينأى بنفسه عنه وينصرف إلى أعماله والانخراط في مشاريع إحسانية وخيرية إلى جانب مشاريعه الاقتصادية الضخمة. مع الإشارة إلى أن لنا نموذجا رائعا كان يجسده الراحل ميلود الشعبي.

   تاريخيا وسياسيا فان هذه الظاهرة ليست جديدة ولا طارئة علينا، وكان من المؤمل في ظل التغيرات التي وقعت في المشهد السياسي خلال العقد الأخير أن تندثر أو على الأقل يتم تقليصها لتختفي تدريجيا، لكن المرجع الأساس فيها هو أنها أصلية في نظامنا السياسي، فقد أسس لها الراحل الحسن الثاني حينما كان يلتقط بعض رجال الأعمال ويحشرهم في تشكيل حكوماته، بل كانت هناك حكومات أغلب أعضائها من رجال الأعمال، ليس لأن هؤلاء كان لديهم ما يقدمونه للمغرب والمغاربة، بل فقط لأنهم كانوا ناجحين في تجارتهم وأعمالهم في شتى تفرعاتها، وهذا ما كان يتقنه الملك الراحل فكان يراهن عليهم للاستفادة من تجاربهم أو حتى مشاركتهم في أعمالهم.

    هذه الخلفية التاريخية والسياسية يبدو أنها لا زالت تعطي نتائجها الباهرة، مع بعض الاختلافات التي قد تكون رئيسية أو هامشية، وهى أن الملك الراحل كان يسيطر بالكامل على مجمل الوضعية ولا أحد كان يتجرأ على منافسته أو مشاركته في مواقفه وقراراته، اليوم هناك لاعبون جدد ومصالح متجددة وأهداف متعددة، وقد أصبحوا أو فرضوا أنفسهم لمنافسة ومشاركة الملك في أمور يرونها حيوية لحماية مصالحهم، أساسا في السياسة والاقتصاد. لهذا تتعرى الكثير من السوءات وتظهر العديد من الاختلالات في تدبير الشأن العام من تلك الناحيتين، السياسية والاقتصادية.

    أسسنا هذا التحليل على ظاهرة السيد عزيز أخنوش، وهى ظاهرة أصبحت أكثر من عادية، لأنها تدخل في باب التكامل المترابط بين السياسة والاقتصاد والمال، حيث هو وغيره كثيرون، لكن مختارون بعناية، لا يمكنهم التخلي عن السياسة وإلا ضاعت مصالحهم الاقتصادية على يد من يسهلون عليهم السيطرة على بعض المفاصل الاقتصادية الاستراتيجية، بالتالي فان المقابل السياسي هو الثمن الذي يقدمه هؤلاء، وهى دورة سياسية جهنمية تندمج فيها السياسة بالاقتصاد بطريقة لا تترك مجالا لأي فرصة للإصلاح السياسي على جميع مستوياته وفي أتونها تقع كل التجاوزات لضرب كل أمل لإنجاح تلك الفرص. وفي هذه المعمعة يتم الزج بأطراف أخرى واستغلالها للتعتيم على هذه العملية، منها أحزاب ورؤسائها وتابعيهم وذوو المصالح الشخصية البئيسة منهم، وكلهم يؤدون أدوارهم بمقابل زهيد اتقاء لأي شر أو انتقام، وفي بعض الأحيان بالمجان، تكفي بعض التهديدات والإشارات الناعمة منها والعنيفة.


Comentarios