غزة تعيد كتابة التاريخ الفلسطيني في كتب النصوص بقلم: المختـــار الغربـــي


خريطة فلسطين الأصيلة والأصلية موثقة بتفاصيل حدودها الدولية لدى كل الذين ساهموا في دعم الصهيونية الدولية على احتلالها وتشريد أهلها. وقد قام الجميع، إضافة إلى سلطات الاحتلال الصهيوني، بالتعتيم التام والكامل على تلك الخريطة لكي لا يعلم بها الآخرون. لكن، التاريخ، البعيد والقريب، يقف شاهدا عنيدا على كل مظاهر التزوير والخداع ليكشف الوجه البشع لأكبر جريمة في تاريخ البشرية.
وإذا كانت بعض الجهات الفلسطينية التي انخدعت بالخطاب الصهيوني وتركت نفسها عرضة للنصب والاحتيال من طرف غلاة الصهيونية الدولية، فان "حركة المقاومة الإسلامية، حماس" تعيد اليوم كتابة التاريخ الفلسطيني وإبراز الخريطة الحقيقية والأصلية لدولة فلسطين عبر النصوص التي تضمها الكتب الجديدة في نظام التعليم بقطاع غزة.
الآن في القطاع يتعلم أبناء فلسطين قراءة خريطة بلدهم في حدودها الأصلية، التي من بين ما تضمها أراضي غرب وادي الأردن، من لبنان وسوريا إلى سيناء، ومن بين مدنها، القدس، حيفا وعكا. أما المدن الكبرى كمدينة (تل أبيب) لا وجود لها في خريطة فلسطين، لأنه لا وجود لشيء اسمه (إسرائيل كدولة). هذه هي الخريطة الجديدة، ولا يتعلق الأمر ببرنامج سياسي لحماس، التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، بل بنصوص تضمها كتب ثلاثة جديدة أدمجت في مناهج التعليم الوطني التي تلقن عبر 400 مدرسة تديرها حماس في القطاع. هكذا ببساطة، التلاميذ لن يقرؤوا بعد اليوم عن دولة اسمها (إسرائيل).
في هذا الصدد، فان "الكتب القديمة كانت تركز بالخصوص على (اتفاق أوسلو للسلام لعام 1993) التي لم تكن تشير إلى القضايا الوطنية وتاريخ فلسطين كوطن. هذه الكتب الجديدة تعلم وتشير إلى الواقع الذي منع الفلسطينيون من قوله في مفاوضات أوسلو مع الصهاينة. هذا الجيل تعرض لقوة الاحتلال منذ طفولته، والآن عليه أن يتعرف أيضا على وطنه وتاريخه. وبما أنه لا وجود لدولة اسمها (إسرائيل) في النصوص الجديدة، فإنها تشير فقط إلى (الكيان الصهيوني).
منذ سنتين نشرت دراسة، مولتها كتابة الدولة الأمريكية، تنص على أن 76 في المائة من كتب التعليم في فلسطين المحتلة، أو ما يسمى ب(إسرائيل) تضم خرائط للمنطقة دون ترسيم الأراضي الفلسطينية. كما أنه، بعد تحليل أكثر من 30.000 صفحة، عبر دراسة أنجزها "معهد المؤسسات الدينية في الأرض المقدسة" بتمويل من كتابة الدولة الأمريكية، فان 50 في المائة من الكتب (الإسرائيلية) التي تمثل الفلسطينيين في (المدارس الحكومية) تكون سلبية. وفي واحد من تلك الكتب يشار إلى العرب ك(متعطشين إلى الدماء). لهذا فان ناطقا فلسطينيا يقول "إننا شعب محتل وعلينا واجب تعليم المقاومة".
وحسب الخطاب الفلسطيني، فان الصهيونية مرادفة للعنصرية، اعتبارا لعمق المبادئ التي تعتمدها، كما أنه لا علاقة لليهود ب(إسرائيل) لأن (إسرائيل كوطن) أبيد منذ آلاف السنين. إضافة إلى أنه من أهم التطلعات الصهيونية، إجبار كل الفلسطينيين على أن يكونوا كاليهود. بمعنى، أن الكيان الصهيوني يهدف إلى محو الهوية العربية والإسلامية لفلسطين وفرض هويته اليهودية على التاريخ والجغرافيا الفلسطينيين. في هذا الصدد، حينما تم احتلال فلسطين قام الصهاينة بطرد السكان الشرعيين وخربوا الأراضي الزراعية والأماكن الإسلامية التاريخية.
في الكتب الجديدة ليست هناك إشارة إلى مفاوضات واتفاقيات أوسلو، كما تم إضافة أسماء جديدة، مثل ياسر عرفات، إلى رموز المقاومة الفلسطينية كالشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس الذي قتلته الطائرات الصهيونية غدرا عام 2004 وهو خارج من المسجد بعد صلاة الفجر.
وتقول الناطقة باسم حكومة غزة بأنه "ليس هناك أي سوء في النصوص التي تتضمنها الكتب الجديدة. نحن فقط نعلم أبنائنا التاريخ الحقيقي لبلدهم، ولسنا بصدد تغيير التاريخ الأمريكي. وطبعا هذا التاريخ يضم أيضا زعماء ورموز الشعب الفلسطيني كالشيح أحمد ياسين". وتضيف: "ألا تقول كل كتب الصهاينة بأن عاصمتهم هي القدس ويرفعون على أبوابها وأسوارها أعلامهم. كما أن كل خرائطهم تقول بأن كل فلسطين لهم. كل هذه الأمور حيوية بالنسبة لنا وعلى أبنائنا أن يتعرفوا عليها".
تجدر الإشارة إلى أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كانت قد فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، سنة بعد ذلك، وبسبب المؤامرات ضدها، تمكنت من القيام بحكم قطاع غزة، بينما بقيت السلطة الفلسطينية، ممثلة بمنظمة فتح، لتسيير شؤون الضفة الغربية، حيث تفضل سلطات الاحتلال والدول الغربية التفاوض معها، رغم عدم شرعيتها التمثيلية، اعتمادا على أنه لم تتم أية انتخابات منذ عام 2006


Comentarios