بين المغرب واسبانيا كيف السبيل لتطبيع التواصل بين شعبى البلدين؟ بقلم: المختار الغربي



يجمع المهتمون بالعلاقات المغربية الاسبانية بأن شعبي البلدين محكوم عليهما بالتفاهم والتعايش وتدليل الصعوبات لبناء علاقات يسودها الاحترام والتقدير المتبادل والتعاون المثمر. لهذا يبدو من الملائم التفكير في آلية جديدة من أجل الوصول الى تلك الغايات. 
في هذا الاطار جاء لقاء اسباني مغربي حول صورة المغرب في الإعلام الاسباني، الذي تم تنظيمه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل قبل ثلاث سنوات. في ذلك اللقاء تم تقديم عروض قيمة حول هذا الموضوع، لامسته من جوانب مختلفة، حول جوانب القصور في التعريف بالمغرب والمغاربة وقضاياهم الحيوية، تاريخا، ثقافة وإعلاما، والتي على ضوئها يتم تكوين وتقييم المواقف والآراء حول المغرب والمغاربة على المستويات الرسمية، الشعبية والإعلامية.
ان حقيقة المواقف والآراء المشوشة في اسبانيا اتجاهنا مبعثها الإهمال والقصور والتقاعس من جانبنا نحن المغاربة، على جميع المستويات، في تواصلنا مع الطرف الآخر. وما معاناتنا مع الاسبانيين إلا نتيجة حتمية لعدم وعينا بتلك الحقيقة. وبالتالي فإننا، رسميا، شعبيا وإعلاميا لا نقوم بأي مجهود لمواجهتها بالمطلوب.
  قبل أيام ظهرت نتائج استطلاع لمعهد اسباني متخصص يتمحور حول نظرة الاسبانيين اتجاه المغرب كدولة والمغاربة كشعب، استطلاع صادم بكل المقاييس. نحن في نظر الاسبانيين (أعداء وبلدنا عنيف وذو اديولوجية إسلامية وجاليتنا عندهم تشكل خطرا عليهم). طبعا نحن لا نستبعد مسؤولية الجهات الرسمية المغربية في مثل هذا الظواهر، فالاسبانيون يعتمدون، في واقع الأمر، على ما يتلقونه من حشد إخباري وإعلامي، وليس بالضرورة بما نحن عليه، وهذا الحشد تمليه عدة عوامل، أهمها عوامل من صنعنا ومن إهمالنا ومن تقصيرنا، في وقت تصرف فيه الجزائر الملايير للتأثير على الإعلام  وإغراق المجتمع الاسباني بالأشخاص المرحلين من مخيمات تندوف، الذين يحتلون كافة المناطق الاسبانية ومدنها وقراها وبلدياتها، بقوة خطابهم وذكاء عروضهم الملفقة وغيرها من المبررات.
لو أننا اقتطعنا جزءا بسيطا من الملايير التي نقدمها للدفاع عن المغرب وقضيته الوطنية، وقمنا بتخصيص ملايين من تلك الملايير لتقديم صورة المغرب والمغاربة لدى الاسبانيين ومؤسساتهم وإعلامهم، لما كانت لنا تلك الصورة الشامتة والمشوهة والمشوشة في ذلك البلد، الصديق والجار والتاريخ المشترك، فكيف سيفهموننا ويحترموننا. هناك إذا حاجز نفسي، اعلامى، ثقافي، اجتماعي وتاريخي يعرقل خطواتنا.
الشأن الثقافي، التربوي واللغوي عنصر أساسي في العلاقات بين البلدين، تصرف اسبانيا من أجله مبالغ مالية مهمة وحشدا كبيرا من الأطر المختصة في تلك المجالات. لكن، في المقابل لا يقوم المغرب بأى مجهود لتسويق المغرب تاريخا، وثقافة، ولغة، بحيث تفتقر السياسة الرسمية والبعثات الدبلوماسية، السفارات والقنصليات المغربية، في اسبانيا لأية استراتيجية في هذا المجال ولا تبدع أية مبادرات لإنشاء مراكز ثقافية مغربية وتعليمية فوق التراب الاسباني، في وقت يبذل فيه الاسبانيين مجهودات جبارة للتعرف علينا والبحث في موروثنا الثقافي والاجتماعي والشعبي والفني، كما تمول أبحاثا ودراسات وتآليف في هذه المجالات.  
نفس هذا الاهمال ينسحب على الجانب الاعلامي والتواصلي مع الجانب الاسباني على كافة المستويات، مما يخلق للمغرب مواجهات مع الاعلام الاسباني، وبالتالي نتعرض لكل أنواع التبخيس والمغالطات والأكاذيب والإهانات واختلاق المواقف التي تهزمنا شر هزيمة وتشوه الآراء اتجاه قضايانا الحيوية.
ان ما تقوم به اسبانيا من أجل تسويق لغتها وثقافتها وأساليب عيشها، لا يمكن مقارنته بالإهمال التام من جانبنا في تلك القطاعات، من ضمنها الرعاية للمواطنين المغاربة وأبنائهم في اسبانيا. لهذا يشتكون من التهديد الذي يطالهم. وهذا يؤكد ان ضياع اللغة والثقافة والدين وربما الهوية  أمر وارد، حيث يعربون عن الأمل في تقديم العون والدعم في مجال التربية والتعليم لإنقاذ أبناء الجالية.
المغرب واسبانيا يشتركان ويجمعهما التاريخ والجغرافيا، مما يفرض عليهما ارساء علاقات تتسم بالتعاون في كل المجالات، من ضمنها تشكيل مخططات ثقافية لخدمة الشعبين الجارين والصديقين والتخلي عن الأفكار المسبقة والنظرة النمطية بينهما. كل هذا يجد أساسه في كون هذا المجال يعتبر رأسمالا غنيا يشمل قطاعات الإبداع الفني والأدبي٬ وأيضا مجالات التربية والتعليم والتبادل الثقافي والعلمي والأكاديمي.
لكل ما سبق ذكره، ورغم كل المعطيات المتعلقة بهذا الموضوع، فانه هناك نوع من الضبابية في فهم الواقع بين البلدين والشعبين. لذلك فانه من مهام التعاون والصلات الثقافيين المساهمة في تطوير الأدوار المنوطة بالمؤسسات من أجل اصلاح العيوب في  العلاقات الثنائية.



Comentarios