عودة الي قضية الأمير مولاي هشام وجهة نظر: المختـــــار الغربــــي






   في زمان، ليس ببعيد، قيل بأن الأمير مولاى هشام العلوي خطط لاختراق الصحافة المغربية، وبعدها وقعت أحداث، فيها المستتر وفيها العلني، تشي بأن الأمير يتعرض لمضايقات حقيقية من طرف الأجهزة الأمنية، بالأخص في عهد الجنرال العنيكري. وقد تأسست كل الاشارات على الارتباطات العلنية والسرية للأمير مع صحافيين، قيل عنهم بأنهم يقبضون من الأمير لترويج وجهات نظره. لكن الخطير في الأمر هو التأشير على أن الأمير يهدف الى مضايقة النظام وتسويد هياكله.
   طبعا، هذه الأمور وغيرها كانت تروج من طرف جهات معلومة، كانت تضايقها مواقف الأمير، لأنها تمس بعدة مصالح شخصية، كلها تتعلق بالسلطة والمناصب والنفوذ.
   لكن تورط بعض الصحافيين في هذه اللعبة، دون تبصر، والتي كانت تتطلب الحكمة والحياد، أضاف تعقيدات لهذه القضية لتجعل منها خطة وخطوة موجهان بالأساس الى النظام، أى الى محاربته. وهذا هو الخطأ الذي أضر بالأمير وصورته وفضح تكالب بعض الصحافيين في لعبة خاسرة جلبت عليهم الكثير من المتاعب، لأنهم أساءوا للأمير أكثر مما خدموه.
   الأمير هشام مواطن مغربي مثله مثل أى مواطن آخر، ومن شروط المواطنة، وإذا دعت الضرورة الى ذلك، الحق في الاشارة الى مواطن الخلل في تدبير شؤون وطنه، لكن، ليس من حقه أن يقوم بذلك خارج بلده وأمام أجانب محرم عليهم التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب. هذا هو الخطأ الذي يرتكبه الأمير مولاى هشام، ولا أعتقد أن مثل هذا الأمر غائب عنه. بالتالي، وحتى اذا كان للأمير خلافات مع ابن عمه الملك، فليس من حق أى أحد، بالأخص الصحافيين، التورط في تلك الخلافات أو أن يكونوا صوتا للأمير ضد ابن عمه، الذي هو في بداية ونهاية الأمر، ملك. هذا أيضا أسوأ الأخطاء التي يرتكبها أولئك الصحافيين.
   لكن، لنكن صرحاء ونقولها (بالفم المليان) حسب التعبير الشعبي المصري، ان رغبة هؤلاء الصحافيين تتحدد في سوئتين: الافتخار بصداقة الأمير والاستفادة من ماله. هكذا بالواضح. والحالة أن السوئتين معا تافهتان وخطيرتان في الوقت نفسه، وتعبران بجلاء عن تفكير معوق وعاهة في الرؤية للأمور. بالفعل، لولا الدعم المالي من الأمير لهؤلاء لما كان لهم شأن، بل، ان واحدا منهم على الأقل لا زال يشتم المغرب والنظام وهو مقيم في دولة أجنبية، وهناك عدة أجهزة من نفس تلك الدولة، خصوصا اعلامية، يريحها التقاط تلك الترهات لمهاجمة المغرب والنظام معا.
   قد يعتقد البعض أن هذه الرؤية هى دفاعا عن النظام، لا وألف لا، اننا ندافع عن المغرب وعن المغاربة. بلدنا فيها اختلالات كثيرة على جميع الأصعدة وفي كل المجالات، يتحمل النظام جزء من مسؤوليتها، اما بأخطائه أو بدعم أخطاء رجاله، الذين يمعنون في أخطائهم وتجاوزاتهم بسبب ذلك الدعم بالذات، لأن الكثيرين منهم يستحقون العزل والاقصاء، وفي بعض الحالات المتابعة، المحاسبة والمحاكمة.
   لا نشك في نية الأمير مولاى هشام في انتقاده لأحوال المغرب، ولا نعتقد أنه يريد الضرر لبلده ولنظامه، فهو في كل الأحوال جزء من المؤسسة الملكية، وهذا الانتماء لا يعطيه حق تجنيد صحافيين مرتزقة لمهاجمة المؤسسة، كما يشاع، التي هى شأن داخلي، والحالة أن بعض الصحافيين يبيعون سوئاتها الى الأجنبي، وهذا ما يجب على الأمير الابتعاد عنه والوقوف في وجه كل من يميل الى ذلك.
   لا أدري ان كان من حق الأمير انشاء حزب سياسي في المغرب، وإذا ما كان الأمر ممكنا، فلا نشك بأنه سيكون اضافة قوية ونوعية لصالح المغرب والمغاربة، بل سيكون ذلك صمام أمان للمؤسسة الملكية نفسها وإعاقة قوية للانتهازيين، سواء في الأحزاب أو في غيرها من المؤسسات، بل، بالتأكيد سيربح المغرب رهانا قويا في تطوره وتقدمه وإصلاح أعطابه المزمنة، التي يبدو أنها ستدوم الى أمد طويل.
   اضافة الى ذلك، فان مصداقية الأمير ستكون بديلا لما هو عليه الحال الآن، وستنقلب كل الحسابات والرهانات. كما سيكون خطابه دعما للمؤسسة الملكية وتقوية لكل القرارات الصعبة التي لا نستطيع الاقدام عليها في ظل الظروف الحالية.


Comentarios