اعلاميون، مثقفون، نخب وزعماء بالوكالة بقلم: سعيد الجديدي ترجمة: المختار الغربي


قلناها أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، هناك نوعان من الأشياء لا يتم خلقهما، ولا يمكن اختراعهما ولا يجب صنعهما: النخب والزعماء السياسيين. في غيابهما، كما هو الحال في المغرب، يبدو المشهد الفكري قاتما، مملا ومكرورا مع أشخاص ممقوتين يحتلون استوديوهات الاذاعة والتلفزيون وصفحات الصحافة المكتوبة بحججهم الضعيفة والغامضة. أصوات أسيادهم بمشاريعهم  المظلمة يمجدونها ويسعون الى فرضها.  قادة حزبيين ينتظرون طيلة أيامهم لتلقي التعليمات والتوجيهات.

لم يسبق للمشهد الفكري في المغرب أن كان فقيرا، ضعيفا ومضحكا كما هو اليوم، بحيث لم يسبق أن مرت أوقات سيئة مما نشاهده ونعيشه في أيامنا هذه. هذا لا يعني بأنه ليس في المغرب الا هؤلاء الذين صنعوا ويصنعون هذا المشهد البئيس، رغم أن أغلبية المغاربة يبحثون عن فضائيات وسماوات أخرى  لإرواء عطشهم الفكري والسياسي.

نفس الحجج الضعيفة، نفس المديح والتمجيد، نفس الخيلاء، نفس الابتسامة ونفس الترهات، كلها غير كافية وغير مقنعة لشعب كالشعب المغربي الذي يعرف كيف يفرق بين "بان كيمون" وبنكيران، بين مفكريه الحقيقيين والمزعومين، بين الذين يتكلمون والذين يثرثرون  ويمضون حياتهم يوقعون البلاغات. أصوات أسيادهم: لغة الخشب والاسهال الجدالي الموجه للتعتيم على الواقع القاسي والمأساوي والسيئ الذي يعيشه المغاربة.   

لا، ليس لديكم أى توكيل لتتكلموا باسمنا ولا أى تفويض  لتعبروا باسم الثقافة...كل الثقافات. أنتم لستم نحن ولا سلوككم يمكن أن يخدعنا.
المغرب والمغاربة يستحقون أكثر وأفضل منكم.

 الى وقت قريب، الجميع كان يعرف الاصطفاف السياسي للصحافة، على الأقل  كان جديرا بأن يرشدنا قبل الاقدام على قرائتها، حيث الأحزاب السياسية المغربية، أو على الأقل أهمها، كانت لها صحافتها لتعبر بالعربية والفرنسية، بعضهم، كحزب الاستقلال، بالإسبانية (الرأي الأسبوعية خلال 12 سنة). هنا نتكلم عن ماضي  للتأشير على ما كان يجب أن يكون، ولم يتغير الأمر.

بالفعل، بعض الأحزاب لا زالت لها صحافة معلنة، في حين هناك منابر اعلامية تابعة لبعض الأحزاب أو اشتروها، لكنهم لا يعلنون ذلك ويختبئون ورائها ويتهربون من تحمل مسؤولية عمالتها وانتمائها لهم. هذا الأمر غير جائز أخلاقيا ويعبر عن انحراف وجنوح عن نظافة الضمير، وينعكس سلبا في بعض العناوين الجارحة والمقرفة. انها حالة تعبر اما عن جهل أو عن استفزاز مقصود.

لتلك الأسباب، يتسائل أغلب المغاربة:
لماذا كل الأخبار السيئة، الفضائح، الانزلاقات، الوخزات والفرقعات تصدر عن حزب واحد أو من حلفائه القذرين وكتائبه الاعلامية العميلة والطائشة.
لسبب ما يقع ذلك، لنسأل (أبطالنا الصحافيين) والناشرين، الذين ليس أقلهم بطولة.

في المغرب لسنا قليلون الذين يتمنون ويحنون الى نهاية هذه الفصيلة من المثقفين والاعلاميين والسياسيين وبداية مرحلة احترام أخلاقيات الفعل الثقافي والاعلامي والسياسي.


بالأخص أخلاقيات مهنة الصحافة ومبادئها الأساسية.  

Comentarios