من وحى اعتقال الصحافيان الفرنسيان بقلم: المختـــار الغربـــي



 https://thumbp5-ir2.mail.yahoo.com/tn?sid=2052629440&mid=AJQJDNkAABRHVdYgtATOeBUPK10&midoffset=2_0_0_1_26701&partid=3&f=1728&fid=Inbox&m=ThumbnailService
اعتقال الصحافيان الفرنسيان بتهمة الابتزاز لا يهم الملك وحده، بل، يمكن 
 أن يكون الأمر أكثر أهمية للمغاربة.
 لماذا؟
ليس لأن المغاربة في صف ملكهم في هذه القضية، بل، لأن كل ما له رائحة فرنسية يعتبر أمرا مضرا ومهينا للمغرب والمغاربة.
التصنيف التاريخي الذي دأب المؤرخون والمهتمون بالعلاقات المغربية الفرنسية خلال المائة سنة الأخيرة، كان يمزج بين الوجود الاستعماري لفرنسا والوجود الاستعماري لإسبانيا، كلا الدولتين استعمرا المغرب وتكالبا وتآمرا عليه، كل بطريقته. لكن المؤرخون النزهاء والموضوعيون ميزوا بين الاستعمارين وصنفوا الاستعمار الاسباني بأنه كان أهون وأرحم من الاستعمار الفرنسي، رغم الاتفاق بأن الاستعمار مذل ومهين كيفما كان نوعه.
الاستعمارين أفرزا تابعين لهما، لكن بمرجعية مختلفة كليا بينهما، بل حتى على مستوى تصنيف تلك المرجعية. الاستعمار الفرنسي ترك وراءه في المغرب تابعين بثلاث مرجعيات، واحدة في مستوى العمالة، ان لم نقل الخيانة، وهى المرجعية التي يمثلها أغلب الفرنكوفونيين من السياسيين والمثقفين والصحافيين، ومرجعية ثانية من أشباه السياسيين والمثقفين والصحافيين، وهم في كل الأحوال مجرد طفيليين وانتهازيين، لا هم سياسيون ولا مثقفون ولا اعلاميون، انهم فقط حثالة متعلقة بالطبقات الأولى، بحيث لا هم مطلعون على تاريخ فرنسا ولا يتقنون لغتها بالكامل وليست لهم امكانيات المناورة، انهم فقط أداة احتياطية للاستعمال عند الحاجة. أما المرجعية الثالثة فهى التي تنتمي لجيل متأخر  من الفرنكوفونيين الفاقدي لكل أهلية أو كفاءة أو مركز، هم فقط يعيشون ويحاكون ما هو فرنسي دون أى اتقان أو انتماء حقيقي، حتى أنهم لا هم مغاربة ولا هم فرنسيون.
هذه هى حقيقة الفرنكوفونيين المغاربة، ما يميزهم هو انبطاحهم وتبعيتهم العمياء وخستهم ونذالتهم ودفاعهم المستميت عن فرنسا بكل مباذلها ومساوئها واستغلالهم للمغرب لخدمة فرنسا، مهما كانت الظروف والقضايا، ولو كانت ضد المغرب والمغاربة، وهذا هو الغالب الأعم في مواقفهم واصطفافهم للغدر خدمة لأسيادهم.
انه موضوع كبير كانت له تداعيات خطيرة على مصالح المغرب والمغاربة.
الخطير في الأمر هو أن خدام فرنسا يعتبرون كل ما يتعلق بهذه الدولة مقدسا، يدافعون عنها وعن رموزها ومواقفها بالنفس والنفيس، وحتى ببيع أنفسهم الى شيطان المصالح والأهواء. تاريخ المغرب مليء بالأمثلة، لكن لنذكر فقط بقضية الصحافيان الفرنسيان اللذان أرادا ابتزاز ملك المغرب، فقد برز من داخل المغرب من يدافع عنهما ويشكك في قضية الابتزاز، حتى أن أحدهم دافع باستماتة عن ذمة الصحافيان الفرنسيان ونوه بخصالهما (الانسانية والأخلاقية)، هكذا.
طيب، وماذا عن تركة الاستعمار الاسباني؟
خدام فرنسا يسمونهم فرنكوفونيون، وعلى هذا الوزن سنخترع اسم اسبانوفونيون، الأولون يتعاطفون مع فرنسا ويدافعون بكل جهدهم على كل ما يمت لها بصلة وهم خدامها وعملائها بالقول والفعل، بالعقل والروح. أما الآخرون المحسوبون عل اسبانيا، فلا يشبهون خدام فرنسا لا من قريب ولا من بعيد، انهم فقط مهتمون بتاريخ اسبانيا ولغتها وثقافتها ونمط عيشها، ويكتبون حول تلك الاهتمامات بلغة اسبانيا، لكنهم، من جهة لا يخدمون اسبانيا ولا أجندتها ولا يدافعون عنها ولا يوافقون على كل مواقفها ولا يساندون كل سياساتها، بل، يهاجمون بعض مساوئ الدولة ونخبتها وسياسييها ومثقفيها وفنانيها واعلامييها، حينما تدعو الضرورة لذلك، دفاعا عن المغرب والمغاربة ومصالحهما بدون وجل ولا خوف ولا انتهازية.
من جهة ثانية، (الاسبانوفونيون) في المغرب مرجعيتهم مغربية قحة وأصيلة بالروح والعقل والانتماء، ولا يتساهلون في مرجعيتهم، ويدافعون عنها بلغة الاسبانيين. لهذا فان فرنسا تعتبر خدامها تابعين لها وطابورها الخامس، أما اسبانيا فتعتبر الناطقين بالإسبانية المغاربة، من المثقفين والاعلاميين وغيرهم، شركائها على قدم المساواة وتحترمهم وتقدرهم وتتفادى المواجهة معهم أو اهانتهم.
(الاسبانوفونيون) يتميزون بعفتهم ووعيهم الفكري والأخلاقي والوطني، وحينما تدعو الضرورة يدافعون عن بلدهم وقيمهم وانتمائهم بدون وجل ولا خوف من اغضاب أى طرف اسباني. كما يتميزون بأخلاقهم الرفيعة ومواقفهم المشرفة اتجاه قضايا بلدهم ومواطنيهم.
اضافة وخلاصة:
تجب الاشارة الى أن هناك استثناءات فيما يتعلق بفرنسا، هناك مغاربة قليلون يكتبون ويقرؤون ويترجمون ويقومون بأبحاث ودراسات باللغة الفرنسية، لكنهم مغاربة نزهاء ويهتمون بما يتعلق بفرنسا ولغتها وثراتها وأدبها بروح وعقل مغربيين، يرومون فقط المعرفة واعمال الفكر ولا يهدفون الى خدمة التوجهات السياسية والاعلامية والأخلاقية لفرنسا وخدامها.

Comentarios