الأحزاب المغربية: القيادات والقواعد بقلم المختار الغربي



     عادة ما يقع الخلط بين الأنظمة الأساسية للأحزاب ومواقف قياداتها وقواعدها. تاريخ الأحزاب المغربية مليئ بالمغالطات والتناقضات بين ما هو مسطر في لوائحها التنظيمية ومواقف قياداتها المزاجية التي لا تلتزم بالحد الأدنى لتلك اللوائح، كما أن القواعد الحزبية، أو ما نسميه بالمناضلين، في جل الأحوال لا يكون لها أي إلمام بمضمون تلك اللوائح، فيقع السير الأعمى على خطى مواقف القيادات وتهورها في التعاطي مع الشأن السياسي.
    
    من تداعيات هذه الحالة الغريبة في المشهد السياسي المغربي، ارتكاب الأخطاء والقفز على المبادئ واحتقار القواعد الحزبية واستغلال الظروف السياسية المتقلبة لقضاء مصالح آنية والمتاجرة بها للحصول على مكاسب ظرفية تشوه العمل السياسي وتساهم في تشتيت الوعي به وعدم الانضباط وافتعال الأزمات في ظروف لا تحتمل كل تلك التلاعبات.

    أثبتت الأحداث وفضحت مظاهر من النفاق والانتهازية التي تعشش في كل الأحزاب المغربية. وكنتيجة لهذه الوضعية المتردية في العمل السياسي، كانت القواعد الحزبية، ولا زالت، دائما ضحية قياداتها وعدم التزامها بالحد الأدنى من الموضوعية والعفة في مواجهة المستجدات السياسية، وركبت تلك القيادات على ظهر قواعدها للحصول على مكاسب وامتيازات شخصية وعائلية وفئوية.

     وإذا كانت القيادات تتحمل جزء من المسؤولية في هذه الوضعية الشاذة، فان القواعد تتحمل الجزء الأخر من المسؤولية لأنها تسمح لقياداتها بجرها كقطعان الماشية، وجزء من هذه القواعد تعول على الفتات من تلك المكاسب التي تحققها قياداتها المتهورة، وفي غالب الأحيان تكون فاسدة.

     المعادلة السياسية المبنية على تواجد الأحزاب وتصرفاتها غير سليمة، لذلك يعتري العمل السياسي في المغرب الكثير من مظاهر السفه والتخبط.

   في الأنظمة الديمقراطية يقع التنسيق والتجاوب بين القيادة والقاعدة، ويكون مبنيا على التشبت باللوائح والأنظمة الأساسية الملزمة للجميع ولا سبيل للخروج عنها وعلى ضوابطها.


Comentarios