الدعوة إلى التسامح والتعايش بين الشعوب والديانات مجرد هرطقة بقلم: المختار الغربي



     قررت كل من الهيأة الكنسية بالفاتيكان والعصابة الصهيونية بفلسطين الاتفاق على تفاهم سيجبر الفاتيكان على الخضوع للغطرسة الصهيونية بالاعتراف بالقدس كجزء من "إسرائيل وعاصمة لها".
 خلفيات هذا الاعتراف عملت "إسرائيل" من أجله منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين، ولم تتوقف محاولاتها بشتى الوسائل والضغوطات والابتزاز، إلا أن هذا "النجاح" الصهيوني، وعلى مدى خمسين سنة، سبقته سلسلة من "النجاحات" الأخرى التي مهدت لما وصلت إليه اليوم من إحكام قبضتها على البابا وكنيسته الكاثوليكية.
بتاريخ 30 شتمبر 2006، كنت قد نشرت مقالا حول العلاقة بين اليهود والفاتيكان، وخضوع الكنيسة للصهيونية الدولية تحت عنوان:

"رئيس الكنيسة تحت سيطرة اليهود والمسيحيين الصهاينة"

لا فائدة من سرد التصريحات الخبيثة لرئيس المسيحيين السابق القابع في قصره وسط روما، فقد أكل الثوم الصهيوني ولوكه بلعاب التطرف المسيحي. هكذا يمكن تصور ما تنضحه هذه الخلطة المسمومة من أي كلام كثر ترويجه خلال العقد الأخير عبر تصريحات قلنا من قبل أنها تصدر عن مجانين، والمؤسف أنهم يتحكمون في رقاب هذا العالم الضال ويعيثون فيه فسادا وخرابا.

   ما قاله رئيس الكنيسة عن الإسلام والمسلمين لا يمكن توصيفه إلا بالسفاهة والشطحات الفكرية الصادرة عن عقل مريض وموغل التعقيد النفسي.
    المسألة منطقية، فالعقول المتخلفة لا يصلها الفهم إلا بعد كرة وأخرى وغيرها، وقد أفلح الكر الصهيوني والتطرف المسيحي أخيرا في مسعاه واستحوذ على عقل ذلك العجوز الضعيف الفهم والسمع والبصر، ولا يهم هذا التأخير في الإقناع، المهم أن تكتمل الحلقة والجوقة لقد أرادها بوش حربا صليبية بنكهة صهيونية، فلا أقل من أن يباركها الرئيس (البابا) على مرأى ومسمع من كل هؤلاء (المسلمين الإرهابيين المتطرفين).
    ليس غريبا إذن أن تصريحات رئيس المسيحيين السابق تمت في ألمانيا، البلد الذي تترأسه امرأة كان أول ما فاهت به عند تنصيبها كمستشارة، الهجوم على المجاهدين الإسلاميين والتنديد بهم، موازاة مع تأييدها (لإسرائيل) ودفاعها عن جرائم اليهود في فلسطين المحتلة والإرهاب الأمريكي الصهيوني ضد المسلمين في كل بقاع العالم.
    لقد قلنا من قبل أن ألمانيا باعت نفسها لكل أولئك وأنها رهينة في يدهم، وهي بهذه المواقف المستفزة تخالف سياستها التي قادها المستشار السابق، خصوصا فيما يتعلق بالحرب ضد العراق، كما أن المستشارة الحالية ألقت بنفسها في حضن بوش منذ اللحظة الأولى التي تسلمت فيها مقاليد الحكم، هكذا أصبح محور الشر ذو شكل ثلاثي: الأمريكيون الصهاينة بلير وميركل.
   إن تصريحات رئيس الكنيسة المسيحية السابق تخدم بالدرجة الأولى مصالح وأهداف أولئك جميعا، بكل أنواعهم وفئاتهم، وهي بذرة لزرع الكثير من الشك والارتياب حول التفكير المهزوز والمتدني للبابا.
وإذا كان ما نسبه للإسلام ونبيه الأعظم محمد صل الله عليه وسلم شراً، فماذا نسمي ما يفعله محور الشر المشار إليه في كل أرجاء العالم من قتل وتدمير وخراب وغزو واعتداءات على الأبرياء. ولنا أسطع مثال فيما يقع بفلسطين منذ سبعين سنة، وما وقع في لبنان من قبل، فلم يسبق لهذا (البابا) أن قال كلمة واحدة حول أحداث البلدين المنكوبين بفعل الصمت الرهيب للكنيسة، والأسوأ أن الأمريكيين الصهاينة يتصرفون ويتحركون وينظرون وينفذون باسم المسيحية، التي أصبحت بفعل السيطرة الصهيونية كعصابات المافيا وأساليبها الدموية البشعة.
وعلى هذا الأساس لن يكون مقبولا منذ الآن إشهار تلك المصطلحات التي لا معنى لها كالتسامح وقبول الآخر وأهل الكتاب.
لم يعد هناك شك بأن رموز الشر في العالم يشنون حربا صليبية ضد الإسلام والمسلمين في نسختها الجديدة.
ويبدو حقا أن التاريخ يعيد نفسه

الأصل والنسخة : إمبراطور بيزنطة يستنجد بالبابا في الطبعة الأصلية، وبوش يستنجد بالبابا أيضا في نسختها، والأحداث واضحة ومفضوحة، وتكاد تكون متشابهة. كل ما وقع منذ قرون يعاد اليوم، بفارق بسيط هو تجديد الأدوات وضمنها الإعلام والتكنولوجيا المتطورة، والباقي يتكرر: غزو الدول وتدميرها وقتل أهلها.
   أمس كما اليوم، الكل موجه إلى الإسلام وصدور معتنقيه مع إضافة، وهي أن الصليبيين تعززوا بالصهاينة من كل لون وشكل أو ما يمكن تسميته بالطابور الخامس المكون من أبناء جلدتنا وملتنا والعياذ بالله.
خلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي، نزلت الولايات المتحدة بكل ثقلها على الصعيد العالمي لتمحي من القاموس الدولي عبارة : الصهيونية مرادفة للعنصرية وهددت عدة دول إذا لم تصوت في الأمم المتحدة لإلغاء هذه الحقيقة، وبتزامن مع هذا الموقف أصدر أحد (الباباوات) بيانا تاريخيا يبرئ اليهود من دم المسيح، وغيرها من المواقف التي كانت تمهيدا لكل الكوارث والمآسي التي تصيب العالم والإسلام والمسلمين بصفة خاصة.
     وإذا كان الإسلام يمجد العقل ويدعو إلى العلم، فإن تاريخ الكنيسة في هذا المجال مخز، فعلى مدى خمسة قرون قامت هذه الكنيسة بتعطيل كل الأفكار الحية والنيرة وأشاعت ثقافة العنف الذي أدى إلى إزهاق الملايين من أرواح البشر الأبرياء، والتاريخ شاهد على عدة أحداث في هذا الاتجاه. وقد سميت تلك الفترة التي عرفت بالعصور الوسطى بأنها العصر المظلم للمسيحية والمسيحيين، في الوقت الذي كان فيه المسلمون قد قطعوا أشواطا كثيرة في تفوقهم العلمي والحضاري وعن طريقهم بعثت الحضارة الأوربية المسيحية ولكن في اتجاه الانحراف عن القيم الإنسانية.


Comentarios