حول كتاب "رواد الصحافة الوطنية في طنجة على العهد الدولي 1947-1953 محمد قاسم الدكالي نموذجا" للأستاذ عثمان بن شقرون بقلم المختار الغربي


    

 بالعودة إلى كتاب الأستاذ عثمان بن شقرون، فقد كان ضحية إهمال ولامبالاة حينما صدر كتابه وتم تقديمه، حيث لم يكن من الشرف والأمانة والفضيلة أن لا يحظى المؤلف والمؤلف بالتقدير والتنويه اللازمين. مدينة طنجة مليئة ومثخمة ببعض الذين يدعون الثقافة والصحافة، لكن، مجرد ادعاء. أما المثقفون والصحافيون الحقيقيون يبدو أنهم انزووا بسبب أولئك المدعين وبسبب ما يقع من ذبح للصحافة والثقافة.

    مؤلف الأستاذ عثمان يستحق أكثر من ذلك، فأن يجتهد ويعاني ويضحي ليضع بين أيدينا ذخيرة ثقافية وإعلامية ضخمة من 700 صفحة ليس كمن يكتب في الظلام ليعطينا 70 صفحة مليئة بالنرجسية وحب الذات والاستقواء بكلمات لا يمكن وضعها في أي خانة من الأجناس الإبداعية.

    حينما توصلت باستدعاء التقديم الأول لهذا الكتاب القيم، وبعد اطلاعي عليه، شعرت بنوع من اللوم والتأنيب على نفسي، لأنني فقط كنت أعرف الاعلامى والوطني الراحل محمد قاسم الدكالي كاسم سبقني في المهنة والمؤسسة التي اشتغلت فيها لمدة 35 سنة، مهنة الصحافة ومؤسسة الإذاعة. وجاء الأستاذ عثمان لينتشلني من جهلي، وهو جهل يقع فيه الكثيرون، لكن الفرق ما بين الجاهلين، هو كون البعض منهم يتمادى في جهله والبعض الآخر يتدارك العوائق التي سببت جهله، وهذا ما أسميه بفضيلة المعرفة التي لا يقوى على احتضانها والإيمان بها إلا ذوو النفوس الأبية التي تقدر جهود الآخرين وتستفيد منها وتعترف بها.

    لقد كانت معرفتي بهذا الرائد الكبير من رواد الصحافة الوطنية، محمد قاسم الدكالي، معرفة سطحية، وجاء هذا الكتاب، ليس للتعريف به وبمهنيته وكفائته ووطنيته، بل ليعطينا تفاصيل لا يمكن اختزالها في مجرد اقتناء الكتاب وقراءته ووضعه للزينة في رف أو ركن، كما أنه، وبجميع المقاييس، يعد مرجعا سيكون على كل الإعلاميين والمثقفين والكليات ومعاهد الصحافة أن تضعه كأساس في مناهجها التعليمية وتلقينه كمادة لا غنى عنها في التكوين الأكاديمي والميداني.

    أهمية وفرادة هذا الكتاب تكمن في كونه يبرز، ليس وجها فقط من وجوه الصحافة والإعلام والوطنية، بل فترة بكاملها، في مقاربة وثائقية زاخرة وثرية بالمعطيات التي لم يتجرأ أحد من قبل للمخاطرة على الوصول إليها واستنطاقها وسبر أغوارها وكتابتها. هذا عمل ليس بالهين ولا بالسهل، انه عمل شاق ومضني، مليء بالمعاناة والتضحية.

   هذا هو واجب وثمن البحث، هذا هو التأليف، هذا هو الإبداع، أن يقوم الإنسان بعمل يضحي من أجله ويعاني في سبيله. فالكتاب لا يعرف فقط بالصحافي محمد قاسم الدكالي ولا يحصر هذه المعرفة بزمن طنجة الدولية، بل، ومن خلالهما معا، وعن طريق كتابات الراحل نتعرف على التفكير الوطني الصادق له وإطلاعه الواسع على مجريات الأحداث الوطنية والدولية، وفي ثنايا كل ذلك دروس بليغة من الالتزام الفكري والمهني نحو قضايا الوطن وانشغالات المواطنين.


Comentarios