بين حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية بقلم: المختار الغربي



     حسب فهمي المتواضع لما يصطلح عليه بحقوق الإنسان، فان الأمر لا يعدو أن يكون تلخيصا لمفهوم العدالة الاجتماعية. هذه هي حقيقة فكرة حقوق الإنسان التي تمت صياغتها منذ البداية على يد أجانب بدوافع مختلفة، أغلبها مفتعلة وذات أبعاد سياسية غير بريئة. لكن، في كل هذا الجدل حول الفكرة، التي تهم كل الناس في كل الأقطار والمجتمعات، يقع التعتيم على المنشأ والأصل اللتان يرجعان إلى روح الدين الإسلامي وما جاءت بها نصوص القرآن وتعاليمه وما شرحه وفسره في أحاديثه وعاشه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أي ما نسميه السنة والسيرة النبويتين.

     ما نعرفه اليوم ونروج له من نصوص تتعلق بما يسمى حقوق الإنسان، هي بمثابة نصوص وضعية أخرجها بشر قد يصيبون وقد يخطئون، لكن الأهم هو أن تلك المجموعة البشرية التي اشتغلت على فكرة حقوق الإنسان، هم أشخاص ينتمون لدول وجنسيات واثنيات وايديولوجيات لها تصوراتها الخاصة في التطبيق والتنفيذ، وغالبا ما تكون تلك التصورات محكومة ومبنية على مصالح سياسية وعسكرية وأمنية يبيحونها لأنفسهم ولمن ينتمون إليهم ويحرمونها على الآخرين أو يؤولونها حسب تلك المصالح والسياسات.

     لقد افتضحت هذه الحقيقة خلال الثلاثين سنة الماضية، إلى أن وصلنا إلى ما نسميه اليوم (الكيل بمكيالين) وانتشرت عمليا وميدانيا مواقف وتصرفات لا علاقة لها بمبدأ حقوق الإنسان. لذلك يمكن القول بأن أبرز وأهم مجال يمكن فيه تطبيق الحقوق هو عبر مفهوم "العدالة الاجتماعية" حيث تنتفي كل مجالات التدخلات المصلحية للدول والمؤسسات كيفما كان لونها واتجاهها، والباقي مجرد تفاصيل سياسية وعسكرية منزوع منها المفهوم المتداول عن حقوق الإنسان.

     ما سبق ذكره دليل قاطع على أن هناك مفهومان متوازيان ولا يتقاطعان: حقوق الإنسان التي يتداخل فيها الخير والشر والعدالة الاجتماعية المجردة من تأويل بشري.
    مفهوم حقوق الإنسان مفتعل ومفهوم العدالة الاجتماعية أصيل، أي، هو المعني بحياة البشر وحقهم في الكرامة والعدل والمساواة، وليس أداة للتجارة.

    إن الدول التي ينتمي إليها واضعوا النصوص الدولية لحقوق الإنسان هي الأسوأ في التعامل مع تلك النصوص حينما يتعلق الأمر بالآخر وهى من تخرقها وتحرقها وتسحقها، وهذا ما نشاهده ونعيشه منذ عقود.

Comentarios