مأزق اليونسكو مع الولايات المتحدة الأمريكية، الاحتلال الصهيوني والايبااك بقلم المختار الغربي



     ابنة مستشار ملك المغرب، أزولاى، على رأس منظمة اليونسكو.
بدون شك منظمة اليونسكو لها ارتباط وثيق بأزمة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وبما يتعرض له التراث الفلسطيني من اعتداءات ومحاولات المحو من طرف الصهيونية الدولية وتآمر ودعم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

    في شهر نوفمبر من عام 2011، أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية حصتها المالية التي تساهم بها في المنظمة الأممية "اليونسكو"، بعد تصويت الجمعية العامة لهذه المنظمة بمنح فلسطين العضوية الكاملة.

   وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية حينذاك للصحفيين "إن الولايات المتحدة ليس لديها خيار سوى وقف التمويل بسبب قانون أمريكي صدر في التسعينات وان واشنطن لن تمضي قدما في تقديم 60 مليون دولار كانت تعتزم منحها للمنظمة".
وأضافت بان "تصويت الدول الأعضاء في اليونسكو بالموافقة على الاعتراف بفلسطين عضوا بالمنظمة "أمر يدعو للأسف وسابق لاوانة ويقوض هدفنا المشترك لسلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط". وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تساهم بحصة 22 بالمائة من ميزانية اليونسكو.

    اليونسكو هي أول منظمة تابعة للأمم المتحدة سعى الفلسطينيون للحصول على عضوية كاملة بها منذ أن تقدم (رئيس السلطة الفلسطينية) بطلب للحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة في 23 من سبتمبر 2011. ومن بين مهام اليونسكو تحديد مواقع التراث العالمي والارتقاء بالتعليم في جميع أنحاء العالم وإدارة نظام للإنذار المبكر من أمواج المد العاتية (تسونامي) في المحيط الهادي.

    من ناحية أخرى التقت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون المنظمات الدولية مع ممثلين من الشركات الأمريكية الكبرى لمواجهة مخاوف تتعلق بمحاولة فلسطينية محتملة للانضمام إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية، التي يوجد مقرها بجنيف، وهى منظمة تابعة للأمم المتحدة مسئولة عن حماية حقوق الملكية الفكرية وتغطي كل شيء بدءا من اعتمادات براءات الاختراع للاغاني وصولا إلى الأدوية الجديدة والابتكارات عالية التقنية.

    الغريب، أن اليونسكو هي الوكالة الوحيدة في الأمم المتحدة التي لديها مسؤولية لنشر التعليم عن محرقة اليهود في جميع أنحاء العالم، باستخدام التمويل الذي تمنحه الولايات المتحدة والاحتلال الصهيوني، وتطور مناهج تعليمية لضمان عدم نسيان محرقة اليهود. هذا في وقت لا تفعل فيه شيئا لتذكير العالم بمأساة الفلسطينيين والمحرقة التي يتعرضون إليها من طرف جيش الاحتلال الصهيوني.

   وفي شهر فبراير من سنة 2011، قام وفد بزيارة تاريخية إلى معتقل أوشفيتز مع أكثر من 150 زعيما سياسيا ودينيا، معظمهم من الدول العربية والمسلمة.

    على إثر منح فلسطين العضوية كاملة بمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة والتي تعنى بالشؤون الثقافية عبر العالم يوم الاثنين 31 أكتوبر 2011، انسحبت أمريكا من هذه المنظمة بسبب تصويت 107 دولة لصالح فلسطين، وامتناع 52، ومعارضة 14 دولة منها الولايات المتحدة الأمريكية التي قررت المغادرة.

    وقد كانت أمريكا قد أوقفت دعمها لليونسكو في عهد فريديريكو مايور الإسباني، وبعد تعيين مسئولة جديدة لليونسكو وهي البلغارية إيرينا بوكوفا رجعت أمريكا وبشروطها.. الآن ستجد اليونسكو نفسها أمام نفس المأزق، أي ضعف التمويل.

    موقف أمريكا مخجل وغير مبرر، لكن أوباما كان يخشى سطوة اللوبي الصهيوني والانتخابات الرئاسية كانت على الأبواب في عام 2012، وقد أسقطوه لهذا السبب، بفعل قوة هذا اللوبي المتحكم في الشركات الكبرى التي تمول الانتخابات، والمتحكم في وسائل الإعلام القوية وكثير من الجرائد… ويبقى التمويل الأوربي لليونسكو بدوره ضعيفا، حيث تفضل دول القارة العجوز الدخول في علاقات ثنائية مع دول العالم فيما يخص القضايا الثقافية كحماية الآثار وتشجيع "المنتوجات الثقافية".
 
     وعليه فستكون اليونسكو بين أمرين، أحدهما وضع سياسة تقشفية، وبالتالي حضور رمزي في المجالات الثقافية، أو مراجعة الموقف بعد مدة قد تطول أو تقصر، وفي كلتا الحالتين تكون مصداقية "الدول العظمى" محط تساؤل بل الاستنكار.. وهنا تحضر كذلك البدائل الممكنة، كالتمويل العربي، لكن هذا جد مستبعد، لأن غالبية الدول العربية الغنية بعائدات النفط، لا تستطيع عصيان أميركا، كما أن لها حساسية مفرطة ضد كل ما هو ثقافي وتنويري، ولا نظن أن دول آسيا أو أمريكا الجنوبية ستتحمس لتعويض أي نقص مالي يهدد السير العادي لليونسكو، لأن لهذه الدول أولياتها التي تهم شأنها الداخلي وتنميتها الذاتية أولا… فهل سندخل في دوامة جديدة أخرى تزيد في تكريس دونية الثقافة بمفهومها العقلي والنقدي والفني؟


Comentarios