"لي فيه شي فز كايقفز" انطباعات المختار الغربي



هناك أشخاص يفهمون بعفة في ما يسر الله لهم من معارف، وهناك آخرون يفهمون في ما يسروا لأنفسهم من مباذل.

منذ سنتين، حضرت ندوة من تنظيم المنظمة المغربية للإعلام الجديد حول موضوع "عناصر التكامل بين الإعلام والثقافة" أطرها مجموعة من المتدخلين لهم علاقة مباشرة بهذا الموضوع.
في فترة المناقشات طرحت سؤالا مباشرا، بحكم متابعتي المتواصلة للمجالين معا، الإعلام والثقافة، استخرجت عناصره مما قيل بالفعل خلال تدخلات بعض المشاركين. حيث أشار متدخل إلى أن هناك "تراجع في الفعل الثقافي" وأشار آخر إلى "تقهقر الإعلامي" هكذا بالتحديد.

سؤالي كان على الشكل التالي: "التراجع في الثقافة والتقهقر في الإعلام له أسباب وله خلفيات. مجال الثقافة يهتم به اتحاد كتاب المغرب، ومجال الإعلام من مسؤولية النقابة الوطنية للصحافة المغربية. في زمن آخر كان لهتين المنظمتين شأن كبير بحكم وجود رموز للثقافة والإعلام، أسماء كبيرة ومؤثرة كانت تلعب دورها لتكون الثقافة ثقافة وليكون الإعلام إعلاما. لكن ذلك الزمن اختفى وجاء زمن آخر اختفت فيها تلك الرموز وعوضتها أخرى لا تتقن التعامل لا مع الثقافة ولا مع الإعلام، وعوضتها أخرى همها الريع والانتهازية والتزلف والنفاق وحصد المناصب والامتيازات والجمع بينها.
يهمني أن أعرف من المشتغلين بالحقلين كيف سمحوا لأنفسهم اغتيال الملامح الجميلة في الثقافة والإعلام وانزلقوا وراء مصالحهم وهواجسهم الشخصية".

إجابة واحدة حول الجانب الثقافي جاءت مباشرة تتملص من المسؤولية بحكم أن الندوة مخصصة لعرض وجهات النظر وليس ملامسة الاختلالات وتشريحها والبحث عن أسبابها، وأخرى حول الإعلام جاءت مليئة بالتهديد المباشر والتنقيص من قيمة المشتغلين بالصحافة، هكذا بالتعميم، مع شحنة كبيرة من العنف وانعدام اللباقة، وكان واضحا منها أنها تروم الرد المباشر والمقصود لكوني طرحت السؤال بتلك الصيغة الواضحة والمستفزة شعر معها المجيب أنها محرجة له وموجهة إليه.
التفاصيل مؤلمة وصادمة، لكنها معبرة عن دواخل مريضة وانفصام في الشخصية. 

أحب من أحب وكره من كره، أتصرف على عكس كل تلك التصورات المريضة وأسير على النقيض منها وأنا راض على ما أخطو على نهجه، لأنني سعيد جدا كوني لم أتورط في أي من تلك المقالب الصحفية التي تجعل البعض عبيد ومشهورين وحياتهم مليئة بالمباهج القذرة.

المشكلة هي أنه حتي من هم معروفون في الميدان أصبحوا أساتذة في الانتهازية والنصب والاحتيال والثروة وغيرها من المفاسد. لهذا مشكلتنا في المغرب أنه هناك تجارة تسمى الصحافة، ولا يهم كيفية تعريف هذا المصطلح الغامض. أستطيع عرض عشرات الأمثلة عن (صحافيين كبار) يتبوؤون (مراتب كبيرة) قاموا ويقومون بأدوار تدفع إلى الرغبة في التنفير من هذه المهنة.
يوما ما سأؤلف كتابا في الموضوع بدلا من كتابة مذكراتي التي وصلت إلى نصفها وقد أتخلى عنها لهذا السبب.


Comentarios