كيف تم اقبار ودفن مفهوم الثروة غير المادية بقلم المختار الغربي



      خطاب العرش لسنة 2014، جاء متضمنا لمفهوم غير معهود ولا معروف لغير المتخصصين، وهو "الثروة غير المادية". بعد الخطاب مباشرة قام بعض المهتمين بالتعريف بهذا المفهوم عبر نقاشات واجتهادات تم على اثرها الاتفاق على أن هذا المفهوم يتجاوز المؤشرات الاقتصادية التي دأب المختصون على الاعتماد عليها، والتي كانت قائمة على نسبة النمو  والناتج الداخلي الخام وغيرهما، وهى المؤشرات التي لم تعد كافية لقياس تلك الثروة، حيث أضافوا اليها في المفهوم الجديد، بالأخص بعد قرار البنك الدولي في هذا الموضوع، معايير جديدة لمعرفة قيمة الثروات التي يتوفر عليها كل بلد.
      بحسب المعطيات السالفة الذكر، نشأ مفهوم الثروة غير المادية، التي أمر الملك بدراستها والتعمق فيها للخروج بالاستنتاجات الضرورية لمعرفة كافة الحقائق حول تلك الثروة، وبالتالي التأسيس لخارطة عمل جديدة في التعامل مع الشأنين الاقتصادي والاجتماعي.
     في خطاب العرش تسائل الملك "أين هى الثروة" وكان يقصد بأنه رغم كل الجهود المبذولة للتنمية فإنها لا تبدو واضحة على أرض الواقع، خصوصا وأن الفوارق الاجتماعية تبدو عميقة بين الأغنياء والفقراء وتزيد اتساعا.
   لقد سبق أن تم  انجاز دراسة هامة تحت عنوان "أين هى ثروة الدول خلال القرن 21" قامت بها مؤسسات دولية درست الموضوع بواسطة مجموعة من الاختصاصيين، وعلى أساس نتائجها ظهر مفهوم "الثروة غير المادية" حيث خلصت الدراسة الى أن ثروة الشعوب لا يمكن معرفتها بالأٍرقام والنمو فقط، وهى المؤشرات القديمة، بل، هناك معايير وعوامل أخرى لا يمكن رؤيتها وملامستها في البيانات المحاسباتية الخاصة بكل دولة. من بينها، تطور الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مستوى التعامل مع التكنولوجيا، الابداع في كافة الفنون والثقافات، المؤشرات البيئية، مستوى المواطنين في علاقتهم مع التعليم وغيرها.
هذا ما خلصت اليه دراسة البنك الدولي التي أشرف عليها نائب المدير العام للتنمية المستدامة لنفس المؤسسة المالية الدولية.
ونحن قد قاربنا السنة الرابعة على إفشاء هذا الموضوع من طرف الملك، وحسب كل المؤشرات التي عشناها ونعيشها اليوم، يتضح بكل جلاء بأننا في المغرب لم نقم بعد بتقييم هذا الموضوع وإعطائه ما يستحق من الاهتمام، بل، فانه تم نسيانه والتعتيم عليه وإقباره، ولم يقم أى أحد من المسؤولين ولا أية جهة بتأسيس قاعدة لبيانات تتأسس عليها أفعال ومبادرات لإدماج معطى الثروة اللامادية في أى مخطط اقتصادي أو اجتماعي، إضافة إلى الإمعان في الترقيع والاشتغال بمنطق "كم حاجة قضيناها بتركها" مما أدى إلى استفحال مظاهر الفشل وتراكم الخيبات والمشاكل في كل مناحي الحياة.


Comentarios