الرأي الاستشاري للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول مشروع القانون رقم 33.17 المتعلق باختصاصات رئاسة النيابة العامة وقواعد تنظيمها



CNDH


إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 

بناء على طلب إبداء الرأي الموجه من لدن السيد رئيس مجلس النواب بتاريخ 18 يوليوز 2017 والوارد على المجلس الوطني لحقوق الإنسان في نفس التاريخوالرامي إلى إبداء رأي المجلس بخصوص مشروع القانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة؛

بناء على النظام الداخلي لمجلس النواب ولا سيما المادة 234 منه ؛
بناء على الظهير الشريف رقم 1.11.19 صادر في 25 من ريع الأول 1432 (فاتح مارس 2011) بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولاسيما المادة 16 منه ؛
بناء على مبادئ بلغراد الناظمة للعلاقات بين المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والبرلمان، ولاسيما المبادئ 22، 24، 25 و28 منها ؛
بناء على مذكرة التفاهم المبرمة بتاريخ 10 ديسمبر 2014 بين مجلس النواب والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولاسيما المادة 2 منها ؛
بناء على الدستور ولاسيما التصدير ومقتضيات البابالسابع منه والمتعلق بالسلطة القضائية؛ 
بناء على المبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، المعروفة بمبادئ باريس[1] ؛
بناء على الملاحظات العامة للجنة الفرعية المعنية بالاعتماد التابعة للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ولاسيما الملاحظةالعامة1.2 بشأن ولايةحقوقالإنسان، والملاحظةالعامة 1.5 بشأن التعاونمعالهيئاتالأخرىلحقوقالإنسان،وكذا الملاحظةالعامة رقم 2.10 بشأن ولايةالمؤسسةالوطنيةلحقوقالإنسانفيمايخصتناولالشكاوىومايتصلبذلكمنمهاموسلطات.
بناء على المبادئ الأساسية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية والتي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة السابع للوقاية من الجريمة ومعاملة الجانحين المنعقد بميلانو بين 26 غشت و6 شتنبر من سنة 1985 وأكدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بواسطة قراريها عدد 40/32 الصادر في 29 نونبر 1985 و40/146 الصادر في 13 دجنبر 1985؛

استنادا على المبادئ التوجيهية المطبقة على دور قضاة النيابة العامة والتي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن للوقاية من الجريمة ومعاملة الجانحين المنعقد بهافانا بين 27 غشت و7 شتنبر من سنة 1990
بناء على توصية مجلس أوربا رقم 19 (2000) المؤرخة بتاريخ 6 أكتوبر 2000 المتعلقة بدور النيابة العامة في العدالة الجنائية، وتوصيته رقم 11 (2012) المتعلقة بدورها خارج نطاق العدالة الجنائية؛

يبدي بشأن المشروع المذكور الملاحظات التالية:

1-إن مشروع هذا القانون، من متطلباتخيار استقلالية النيابة العامة عن السلطة الحكومية المكلفة بالعدل ويعزز استقلال القضاء ككل انسجاما مع روح دستور فاتح يوليوز ومتنه. فأهميته تكمن في أنه يتعلق بالنظام التسلسلي للنيابة العامة التي يخول لها القانون مهمة السهر، باسم المجتمع والصالح العام؛ على تطبيق القانون كلما تم خرقه، مع مراعاة حقوق الأفراد وحرياتهم وفي ذات الوقت مستلزمات الفعالية للضرورية للعدالة الجنائية.

2- لاحظ المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن مشروع القانون متلائم على العموم مع الآراء التالية للمجلس الاستشاري لقضاة النيابة العامة الأوربيين، التابع لمجلس أوربا و خاصة الآراء التالية:
·        الرأي رقم 11 (2016) CCPE(2016)3F بتاريخ 18 نونبر 2016 الصادر تحت عنوان " جودة و فعالية قضاة النيابة العامة بما في ذلك مجال محاربة الإرهاب و الجريمة الخطيرة و المنظمة"، حيث ورد في الفقرة الرابعة من الرأي المذكورالتأكيد على أهمية توفير إطار تنظيمي و تقني و موارد مالية و بشرية كافية لضمان جودة و فعالية عمل النيابة العامة. كما أوصى المجلس الاستشاري لقضاة النيابة العامة الأوربيين في الفقرة 16 من نفس الرأي الدول الأعضاء بمجلس أوربا إلى الوصول إلى مستوى فعالية متقدم لعمل النيابة العامة و ذلك بتخويلها نوعا من الاستقلالية على مستوى الميزانية، و كذا على مستوى المجالات المتعلقة بالتدبير.
·        الرأي رقم 9 (2014) CCPE(2014)4F بتاريخ 17 ديسمبر 2014 الصادر تحت عنوان "القواد و المبادئ الأوربية المتعلقة بقضاة النيابة العامة" حيث ينص المبدأ التاسع عشر من هذه المبادئ على أنه يتعين تخويل النيابة القدرة على تقييم حاجياتها و التفاوض حول ميزانيتها و التقرير في استعمال الموارد المخولة لها بطريقة شفافة لتحقيق الأهداف التي حددتها في إطار من الجودة،
·        الرأيرقم 7 (2012)  CCPE(2012)3 بتاريخ 11 ديسمبر 2012 الصادرتحتعنوان " تدبيروسائلالنيابةالعامة"، حيث نصتالفقرتان 16 و 17 منالرأيالاستشاريعلىالتواليعلىضرورةأنتكونمختلفالقراراتالداخليةالمتعلقةبتخصيصالمواردالمرتبطةمباشرةبأنشطةالنيابةالعامةمتخذةمنطرفمصالحالنيابةالعامةذاتها،وأنتدبيرالمواردالماليةيجبأنيتممنطرفالنيابةالعامةذاتهابطريقةمسؤولةوحسبمتطلباتالحكامةالجيدة. كما أوصىالمجلسالاستشاريلقضاةالنيابةالعامةالأوربي بنفيالفقرة 37 منذاتالرأيبأنتتضمنالمصالحالحديثةللنيابةثلاثمستوياتمهنية : وظائفالمتابعةالتيتقومبهاالنيابةالعامةنفسها،وظائفالخبرةفيمجالاتمحددة (المجالالنفسي،مجالمساعدةالضحايا،الأحداث،الأشخاصذووالإعاقةالذهنية،السوسيولوجيون،المختصونفيالإحصاء) ثمالموظفونالمكلفونبمهامإدارية.

3- من حيث محتويات هذا المشروع نلاحظ أنه يتضمن عشر مواد، وأنه يخصص للأحكام العامة المادة الأولى المتكونة من فقرتين، ولاختصاصات رئاسة النيابة العامة المادتين الثانية والثالثة، ولتنظيم رئاسة النيابة العامة أربع مواد هي المواد من 4 إلى 7 وللأحكام الختامية ثلاث مواد هي المواد من 8 إلى 10، دون وضع عناوين أو تبويب لهذه المحتويات. وإن هذا إذ يدل على نوع من التوازن بين الجوانب التي تغطيها المحتويات ليعبر في ذات الآن على اقتضاب النص وعدم تبويبه، مما يدعو إلى التساؤل عن مدى تغطية هذا المشروع لجميع الجوانب المتعلقةباستقلال النيابة العامة عن وزارة العدل ونقل الاختصاصات من الثانية إلى الأولى وتنظيم النيابة العامة بما يستجيب لمستلزمات هذه الاستقلالية دون إخلال بشروط الفعالية والموضوعية والحكامة الجيدة وقواعد الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وربما كان من المستحسن أن يعتبر المشروع مناسبة لتحديد طبيعة استقلال النيابة العامة ونطاقه ومداه، ولتضمين بعض القواعد العامة المرتبطة بدور النيابة العامة من قبيل:

- مبادئ الموضوعية والإنصاف والشفافية المرتبطة بدور النيابة العامة؛
- التزام السهر على توفير الحماية التي يضمنها الدستور والقوانين ذات الصلة للمشتبه فيهم والشهود والضحايا؛ 
- إخضاع كل توجيه ذي طابع عام صادر عن رئاسة النيابة العامة لشرط الكتابية وللنشر وفق إجراءات محددة؛
- ربط الأمر بإجراء المتابعة في قضية خاصة بضمانات الشفافية والإنصاف.

4- و عيا من المجلس الوطني لحقوق الإنسان بكون مشروع القانون ينظم بالأساس الجوانب الإدارية المتعلقة باستقلالية النيابة العامة، فإنه يوصي بمراجعة المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية بما ينسجم مع اختيار استقلالية النيابة العامة؛

5- تتطرق المادة الثانية للمجالات والاختصاصات التي يحل فيها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض محل وزير العدل. وبما أن هذه المجالات تشمل بصفة أساسية إصدار التعليمات والتوجيهات إلى أعضاء النيابة العامة، فإن من المحبذ النص صراحة على أن له الحق في تبليغ ما يصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي إليهم مع أمرهم بمتابعة مرتكبيها، دون أن يمتد هذا الحق إلى الأمر بعدم إجراء الأبحاث والملاحقات القضائية بشأن الجرائم، وفقا لما هو منصوص عليه من التزامات وواجبات في توصية مجلس أوربا رقم 19 بشأن دور النيابة العامة في العدالة الجنائية[2].

6- تحيل المادة الثالثة من المشروع على المادة 80 من القانون رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ولكنها تعمد في ذات الوقت إلى إعادة نص المادة المذكورة، والحال أن الاكتفاء بالإحالة على المادة 80 المذكورة بما يفيد نقل سلطة الانتداب التي كان يتوفر عليها وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ستكون كافية.

7- تنص المادة الرابعة على أن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض يعد قرارا تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، يحدد بموجبه اختصاصات البنيات الإدارية والمالية والتقنية التي يحدثها لمساعدته، و وأن المواد 4 و5 و6 تتحدث عن رصد اعتمادات مالية وعن كون الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض آمرا بالصرف، مما يقتضي توضيح آليات المراقبة القانونية لعمل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بوصفه رئيسا للنيابة العامة  متمتعا بصلاحية الأمر بصرف الاعتمادات. 

9- تنص المادة التاسعة من المشروع على نقل ملكية الأرشيف والوثائق المتعلقة باختصاصات النيابة العامة الموجودة لدى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى رئاسة النيابة العامة، كما أن النص لا يتحدث عن نقل الأرشيف بل عن نقل ملكية الأرشيف، مما يقتضي، من وجهة نظر المجلس،تدقيق النقطتين المتعلقتين بالنقل الفيزيائي للأرشيف من جهة و نقل ملكيته إلى رئاسة النيابة العامة من جهة ثانية.


                                                                  حرر بالرباط بتاريخ 20 يوليوز 2017






[1]ـ  اعتمدت بقرار لجنة حقوق الإنسان 1992/54 المؤرخ في 3 مارس 1992 (قرار 1992/54) و من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار A/RES/48/134، بتاريخ 20 ديسمبر 1993)
[2]تبنتها لجنة وزراء مجلس أوربا بتاريخ 6 أكتوبر 2000 خلال الاجتماع رقم 724 لمندوبي الوزراء، وتممتها وعززت مضامينها التوصية رقم 11 (2012) المتعلقة بدور النيابة العامة خارج نطاق العدالة الجنائية.

Comentarios