من وحى رمضان بين التطرف الفكري والثوابت الدينية بقلم: المختار الغربي


لم يبق هناك شك بأنه يجب الاعتراف والتنبيه إلى أن العلمانيين يتحركون ويهجمون وفق أجندة مبرمجة بإحكام. كما أنهم يتصرفون بجرأة مفرطة في قلة الحياء والإسفاف، حيث لا يقيمون وزنا لأية قيم، إلا قيمهم الفاسدة، ولا أي احترام لمخالفيهم.
الأدهى من ذلك، أنهم لا يهاجمون الأشخاص فقط، بل يركزون على كل الثوابت الدينية والأخلاقية للمجتمع المغربي واستهداف الدين والإسلام والقرآن بالتحديد. ففي حوار نشرته إحدى الأسبوعيات طالب متطرف أمازيغى، "بإنتاج قراءة فقهية اجتهادية للإسلام حسب روح العصر". وفي منتدى بمدينة أصيلة قال أحدهم " بأن القوانين المستندة على الشريعة الإسلامية تقف حائلا أمام المساواة بين الرجل والمرأة داعيا "إلى إعادة تأويل النصوص الدينية " مضيفا "بأن كل النصوص قابلة للتأويل".
بهذه المواقف والتصريحات والشطحات المجنونة، يتجه العلمانيون ويهدفون إلى تخريب كل الإرث الحضاري والديني للمسلمين، لإرضاء شرذمة من الأقلية الموتورين والمنحرفين، الذين يحاولون أن يجعلوا من نزواتهم الشيطانية والطائشة قانونا يفرضونه على الأكثرية المتشبثة بشرع الله وكتابه وسنة رسوله.
ما يقع اليوم في المغرب حول الهجمة العلمانية علي رموز العفة والفضيلة، يعطى الانطباع بأن هذا المخطط الجهنمي محمى بجهات لا تريد الاستقرار الاجتماعي والأمن الروحي للمغاربة، محاولة تشتيت الانتباه حول المظالم التي يتسببون فيها لهم والكوارث التي أغرقوهم فيها جراء سلسلة المصائب التي برزت خلال السنوات القليلة الماضية والتعتيم عليها. كما أن كل ادعاءات العلمانيين بالدفاع عن الحريات الفردية وحقوق الإنسان، ما هي إلا واجهة للتغطية على مفاسدهم وفسادهم وجنونهم ونواقصهم وعقدهم النفسانية.
أخطر ما في هذه القضية هو حينما تصمت كل الجهات والأجهزة عن خرجات العلمانيين المؤذية للمجتمع المغربي وثوابته الدينية والأخلاقية دون أن تحرك ساكنا ضد أفكارهم الهدامة والمسمومة، بل تعمل على تشجيعها وإبرازها إعلاميا.
في المقابل تتابع تلك الجهات والأجهزة كل شاذة وفادة حول الذين يدافعون عن الفضيلة وشرع الله، بهدف إسكاتهم وإرهابهم والتضييق عليهم ومتابعتهم ومحاكمتهم.
في مرحلة معينة من انتشار الاديولوجية الشيوعية، بالأخص في مرحلة القطبين الشيوعي والرأسمالي، لم يكن الشيوعيون يخفون انتمائهم، مع شبه توارى الدراسات ومحدودية انتشارها حول هذه الاديولوجية الهدامة، ومع التطور الفكري والعلمي والتكنولوجي افتضحت وتعرت ادعاءات الشيوعيين، فتحولت إلي ما أطلق عليه اسم الاشتراكية العلمية، لإخفاء الوجه والملامح البشعة للشيوعية، ومع زيف الادعاءات وصلنا اليوم إلي ما يسميه أتباعها بالحداثية الديمقراطية.
هكذا تطورت الأمور إلي ظهور التيار الإسلامي الرافض لكل الأقنعة التي تخفي النية المبيتة لمجموعة من الملحدين، الفاسدين أخلاقيا، للحد من الصحوة الإسلامية التي أفرزتها مفاسد المجتمعات الغربية ومواقف دولها لقهر الشعوب واستعبادها والسيطرة علي ثرواتها. على هذا الأساس قامت كل حروب القرن الماضي.
أثناء كل تلك الفترات المترابطة، وباسم الاديولوجيات والأفكار الهدامة، كان يقال بأن الملحدين يحاربون الأنظمة لإقامة العدل وإرساء دعائم الحرية، وبعدها اتضح أنهم أبعد من أن يكونوا عادلين وأحرار، بل كانوا عبيدا لأسيادهم وخاضعين لنزواتهم ولكل أنواع الفساد الأخلاقي والسلوكي.
بعد استنفاذهم لذخيرتهم ضد الأنظمة وقبولهم رشاويها في المناصب والامتيازات واقتصاد الريع، لم يبق أمامهم إلا محاربة مجتمعاتهم، حيث وجهوا أسلحتهم الفكرية لتخريب القيم الأصيلة فيها وشن الحرب ضد الدين والأخلاق باسم الحداثة والديمقراطية والحريات الفردية وحقوق الإنسان. هذه كلها مبادئ لا علاقة لها بالتوجهات الفكرية للعلمانيين والحداثيين، بل هي أسلحة لنشر الرذيلة والانحلال وزرع الفتنة داخل المجتمع والتحريض علي المفاسد لتخريب المعتقدات الدينية والأخلاقية.
ثم إن كل المصطلحات والمسميات التي يحاول أولئك المفسدون ترويجها وارتدائها هي في واقع الأمر لها اسم واحد: الإلحاد، وبالتالي فكل ملحد  فاجر وفاسد، ولا أمان في كل مواقفه ومسؤولياته، ويشكل خطرا على أمن واستقرار المجتمع المغربي.
على هذا الأساس، من الواجب، لحماية المجتمع، مساءلة كل منحرف أخلاقي على مواقفه وتصريحاته، ولا عذر له، سواء باسم الحرية الفردية أو غيرها من الأسماء التي برع الملحدون في توليدها.

Comentarios