الارادة الممزوجة بالصبر تسافت عبد الله


في اعقاب وفاة ام ووليدها في مستشفى الراشدية بعد عملية قيصرية ، تعالت نداءات بضرورة ارسال طبيبة مختصة لمنطقة املشيل التي تنتمي اليها الام المتوفاة . وقد قام بعض الافراد بتبادل الراي والاقتراحات على صفحات هذا الفضاء وذلك امر محمود اذا كان النقاش خاليا من الاتهامات لهذا الطرف اوذاك .
عندنا ولله الحمد في المغرب احزاب كثيرة ونقابات وجماعات محلية يمكنها ان تساهم في تخفيف حدة المشكل . ما نحتاجه هو الارادة الممزوجة بالصبر لمساعدة هؤلاء النسوة . هذه الاحزاب والنقابات ينضوي تحت لوائها اطباء من مختلف الاختصاصات كثيرا ما سمعنا في نشرات الاخبار عن اجتماعات عقدها اطباء ينتمون لها . لماذا لا يعقد كل حزب او نقابة اجتماعا على حدة للاطباء المختصين في اختصاص امراض النساء والتوليد ووضع جدول زمني للمداومة على طول السنة على اساس ان يقضي كل مختص شهرا في المنطقة ثم يعود ليملا مكانه مختص ءاخر . هذا على مستوى الاحزاب والنقابات . وطبعا عمل مثل هذا لن يقوم به الا من ليست لهم مسؤولية اسرة . بمعنى ءاخر الغير متزوجين كانو ذكورا او اناثا . اما الجماعات فدورها سيكون اعداد مسكن يقيم فيه كل وافد لمهمة الشهر ، ويكفي ان يكون فيه  غرفة نوم وقاعة استقبال وحمام بمرحاضه . واعتقد انه لن يكلف الجماعة كثيرا اذا تطوع السكان كيد عاملة للقيام باشغال البناء ، وقامت الجماعة بتوفير مواد البناء  التي قد تعتمد على مواد محلية خصوصا في المناطق التي تساعد تركيبتها الجيولوجية على جمع احجار والواح صخرية ،  كثيرا ما نشاهد دورا مبنية بها في المناطق الجبلية ، تلائم محيطها  البيئي ، وبذلك لن تكلف الجماعة اموالا فكلفتها الحقيقية كما
ذكرت  في بداية المقال هي (الارادة الممزوجة بالصبر) .
ويحضرني مثال من الواقع المغربي كان صاحبه احد رجال المقاومة من منطقة خنيفرة كان صديقا لوالدي رحمهما الله . كان يتردد على منزلنا كثيرا  ويلقب ب "بويفادن"  لا يحضرني الان اسمه الشخصي . عندما حصل المغرب على استقلاله عين قائدا في الراشيدية ونظرا لانه يعرف المنطقة وسكانها ،  التقى بالسكان بعد الصلاة وسالهم ماذا يمكن ان يقدم لهم ، فقالوا له انهم بحاجة الى مدرسة لتعليم ابنائهم ، وجدار يحيط بالارض التي يقام فوقها السوق الاسبوعي . ونظرا لانه لا تتوفر اعتمادات مالية لانجاز اي مشروع فقد عمد الى  سن لائحة لاستخلاص ضريبة رمزية من مستعملي السوق  ، فحدد المبالغ التالية عن كل عملية تجارية يؤديها التجار عند انتهاء السوق .
60ريال (3دراهم ) عن مجموع ماباع من خرفان او ماعز .
100ريال (5دراهم)عن مجموع ما باع من ابقار
140ريال (7دراهم) عن الجمال
اما باقي التجار فقد وحد مبلغ ما يؤدون وجعله 20ريال (1درهم)
قد يبدو للقارئ كان الامر لعبة ، ولكنها الحقيقة التي سمعتها من فمه وهويحكيها لمجموعة ممن كانوا حاضرين في المجلس . وقد استطاع انجاز ما طلب منه السكان وزاد على ذلك ان خصص لكل ارملة لها ايتام مبلغا يعطى لها من مداخيل السوق كل اسبوع . لم تدم فترة عمله هناك طويلا ، اذ ما لبثت الادارة ان وظفت  شباب المدارس واستغنت عن امثاله من الذين كان تعليمهم عتيقا ولا معرفة لهم بالفرنسية التي
كانت الفرنسية هي ادات حركتها .
سقت هذا المثال في سياق حديثي عن مشكلة الحوامل والولادات في المناطق التي تبعد عن المراكز ، بعد الحديث الذي ملا هذا الفضاء التواصلي اثر وفاة ام ووليدها بعد عملية قيصرية  وبعدالدعوة الى توفير عناية طبية لهؤلاء النسوة اللواتي يعشن في المناطق البعيدة . 
على الشباب خريجي كليات الطب ان يتطوعوا بالمناوبة لسد الفراغ في هذه المناطق والا سنجد انفسنا امام اطباء قادمين من الصين لملاه ، خصوصا وانه لم تعد هناك تاشيرة لدخولهم الى المغرب . وما اقوله ليس هرطقة وانما هي حقيقة قد تحدث في اية لحظة . ودليلي انه في الفترة التي كانت القيامة قائمة على اقتراح وزير الصحة ليقضي خريجوا كليات الطب فترة محددة في المناطق البعيدة ليستفيد ساكنتها من تكوينهم ، التقيت شابان صينيان حاولا عبثا اخد سيارة اجرة ولم يقبل اي سائق الوقوف لهما . وكانا يبدوان انهما على سفر فحقيبتاهما تدل على ذلك . فاتجهت نحوهما وسالتهما عن وجهتهما فقالا انهما يقصدان محطة قطار الرباط المدينة . فقلت لهما انني متجه الى منطقة المحطة واذا رغبا ساوصلهما الى هناك . فبدت على وجههما علامات الا متنان من خلال الانحناءات المعروفة لدى شعوب ءاسيا كعلامة شكر . في الطريق اخبراني انهما ذاهبان الى مكناس ومنها الى الراشدية ليعملا هناك باعتبارهما طبيبان متخصصان في العظام .
فعجبت لهما ءاتيان من ءاخر العالم كما يقال ليعملا في منطقة لبلد يرفض ابناؤه العمل بها لانها نائية .
في فرنسا ، هناك جماعات ليس بها اطباء تبعد عنها المستوصفات ، والمراكز الاستشفائية. والسكان المسنون ، الذين لا يستطيعون التنقل ، هم من يتاثر بهذه الوضعية .  لذلك عمدت بعض الجماعات الى التعاقد مع بعض الاطباء للقيام بزيارة للجماعة عددا من الايام يتفق عليها في العقد ، حتى يتسنى لهذه الشريحة الحصول على رعاية طبية . وطبعا الجماعة هنا تؤدي للطبيب الزائر تعويضا عن مهمته . 
فهل يمكن لاحزابنا ونقاباتنا وجماعاتنا ان تعمل شيئا لسكان مناطقنا النائية بعيدا عن حساب الربح واخسارة الانتخابية . هذا رايي .
تسافت عبد الله

Comentarios