الرذائل السياسية في زمن اليأس بقلم: المختار الغربي




من أغرب حالات الشعوذة والدجل السياسي أن تقوم ثلاثة أحزاب متنافرة بحملة انتخابية مشتركة ضد حزب واحد هو حزب العدالة والتنمية. الأحزاب الثلاثة هى: حزب الاستقلال، التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة.

انها سابقة في تاريخ المغرب أن تقوم أحزاب متنافرة بتوحيد مواقفهم ضد حزب واحد وفي حملة انتخابية لانتخابات تشريعية.

هكذا تصل السياسة الى أحط مستواها ويسقط زعماء أحزاب في (رذيلة سياسية) ما أنزل الله بها من سلطان.

هناك ما يشبه المؤامرة حينما تجتمع ثلاثة أحزاب لاختزال تاريخ الفساد والاختلاسات والفشل في قيادة دولة في خمس سنوات.
لكل المتباكين والساخطين والشامتين، قبل المطالبة بالحساب للخمس سنوات الماضية، يجب المطالبة بحساب ال 55 سنة التي سبقتها. واذا أصررتم على متابعة حكومة الخمس سنوات، فطالبوا بمحاسبة الحكومات السابقة.
لا أتبني اخفاقات الحكومة الحالية ولا أقول بأنها نفذت كل التزاماتها ولا أنوه بكل انجازاتها، لكني أربأ بنفسي على شتمها وشتم رئيسها وتحميله مسؤولية ما اقترفه الآخرون من جرائم في حق المغرب والمغاربة على مدى ال 55 سنة السابقة.

لا ننكر بأن الحكومة المنتهية صلاحيتها شاركت فيها أحزاب ادارية معروفة بانتهازيتها وبكونها كانت دائما في خدمة مخططات مشبوهة، وزعمائها كانوا دائما أدوات احتياطية في يد النظام السياسي. لكن يجب الاعتراف بأن حزب العدالة والتنمية كان صمام أمان في وجه المرجعيات البئيسة لتلك الأحزاب.
من العار والعيب أن ينجر بعض الناس وراء مجموعة من الخطابات المتهافتة التي يروجها مجموعة من اللقطاء السياسيين والانتهازيين من كل حدب وصوب وهم كانوا شاهدين على كل المصائب والكوارث السابقة، واليوم يجنون ثمارها بالمناصب والامتيازات والعلاقات المؤثرة والنفوذ.
تغيير الولاءات، سواء بالنسبة للفاعل السياسي أو على مستوى الأشخاص العاديين، هو ليس سلوكا شخصيا عاديا، بل هو حالة مرضية. اسألوا الوافدين الجدد من هم وكيف اجتمعوا ومن أين جاؤوا وكيف كانوا وكيف يعيشون اليوم؟
كل الذين يصرخون اليوم هم مجرد مراهقين سياسيين لا تتعدى سنهم في أحسن الحالات 40 سنة، فهل يعرفون تاريخ المغرب، وهل عاشوا مراحله الصعبة خلال تلك الأربعين سنة ولم يكونوا قد ولدو بعد، وهل يعرفون المجرمين الحقيقيين الذين أوصلوا المغرب الى ما هو عليه اليوم من تخلف وبؤس؟
يريدون أن يختزلوا تاريخ المغرب في مدة زمنية سبقتها عقود من الفوضى والتسيب والظلم والاستبداد، وبعض الذين يزايدون اليوم ويقومون بنشر الأكاذيب كانوا هم أنفسهم متورطون وصانعون لبؤس المرحلة الحالية.
الصراع الحالي تم حسمه باعادتنا الى الماضي المليئ بالبشاعة والزيف، والذي صنعته نخب وزعماء وأغرقونا في مشاهده القاتمة والمؤلمة بتنفيذهم لأحلامهم المريضة والتعليمات البئيسة.
لم يسبق أن مرت أوقات سيئة مما نشاهده ونعيشه في أيامنا هذه.
نفس الحجج الضعيفة، نفس المديح والتمجيد، نفس الخيلاء، نفس الابتسامة، نفس الوجوه الكريهة، نفس الترهات ونفس لغة الخشب والاسهال الجدالي الموجه للتعتيم على الواقع القاسي والمأساوي والسيئ الذي يعيشه المغاربة.
ورغم ذلك يدعون تمثيلنا ويحاولون السيطرة على عقولنا وتكبيلنا بأمراضهم العقلية وعقدهم النفسانية.

المغرب والمغاربة يستحقون أكثر وأفضل من هؤلاء، كما قال الزميل سعيد الجديدي.
هناك منابر اعلامية تابعة لبعض الأحزاب أو اشتروها، لكنهم لا يعلنون ذلك ويختبئون ورائها ويتهربون من تحمل مسؤولية عمالتها وانتمائها لهم. هذا الأمر غير جائز أخلاقيا ويعبر عن انحراف وجنوح عن نظافة الضمير، وينعكس سلبا في بعض العناوين الجارحة والمقرفة. انها حالة تعبر اما عن جهل أو عن استفزاز مقصود.


وقد تساءل الزميل سعيد الجديدي، ونحن نتسائل معه مع أغلب المغاربة:
لماذا كل الأخبار السيئة، الفضائح، الانزلاقات، الوخزات والفرقعات تصدر عن حزب واحد أو من حلفائه القذرين وكتائبه الاعلامية العميلة والطائشة.
لسبب ما يقع ذلك، لنسأل (أبطالنا الصحافيين) والناشرين، الذين ليس أقلهم بطولة.

في المغرب لسنا قليلون الذين يتمنون ويحنون الى نهاية هذه الفصيلة من المثقفين والاعلاميين والسياسيين وبداية مرحلة احترام أخلاقيات الفعل الثقافي والاعلامي والسياسي.

بالأخص أخلاقيات مهنة الصحافة ومبادئها الأساسية.

Comentarios